مقتطف من نص الرسالة السامية التي وجهها جلالة الملك إلى مؤتمر الجمعية الدولية للعلوم الإقتصادية المنعقد بمراكش

مراكش يوم 29/08/2005

(....) وهكـذا، فـإن القضـايـا الـمتعـددة الـمـرتبطـة بالنـمـو والتشـغيـل، وبـمحـاربـة الفـقـر والـفـوارق، وبالاستثـمـار والتـمـويـل، والتـبـادل الـحـر، وكـذا تـلـك الـمـتـعـلـقـة بنـجـاعـة الـمـؤسسـات، والحكـامـة الجيـدة، ودور الـمـرأة في الـمجتـمـع، وبقـيـم وأخـلاقيـات الاقتـصـاد ... تـستـدعـي كلهـا تحييـنـا وتجـديـدا مستـمـريـن عـلـى مستـوى النظـريـات الاقتـصـاديـة، ولا سـيـمـا فـي ارتـبـاط بـالتـقـدم الحـاصـل في الحـقـول العلـميـة الأخـرى، وفـي مـواكبـة دائـمـة للأسئـلـة الجـديـدة. وهـي القضـايـا التـي تقـع اليـوم في صـمـيـم بـرنـامـج العـمـل الـذي رسـمتـمـوه، بـدقـة كبـيـرة، لجلـسـات مـؤتـمـركـم الـرابـع عشـر.

كـمـا أن هـذه القـضـايـا تتـبـوأ، في مجـملـهـا، مكـانـة مـركـزيـة فـي انشغـالات التجـربـة التنـمـويـة التـي نقـودهـا اليـوم في الـمغـرب؛ تنـميـة نـريـدهـا أن تـكـون بشـريـة ومستـديـمـة، فـي حـرص تـام عـلى صيـانـة كـرامـة الإنسـان، واحتـرام حقـوقـه، والنـهـوض بـهـا، وعـمـل دؤوب عـلى تحـريـر كـل طـاقـاتـه.(....)
وضـمـن هـذا الـمنظـور، قـمنـا مـؤخـرا بإطـلاق "الـمبـادرة الـوطنيـة للتنـميـة البشـريـة"، في اتـجـاه إعـطـاء مـدلـول جـديـد لـمطـلـب التنـمـيـة الاقتـصـاديـة، أسـاسـه تكـافـؤ الفـرص، وتعـمـيـم الـولـوج إلى الـمعـرفـة والخـدمـات الاجتـمـاعيـة الأسـاسيـة، والـمشـاركـة الديـمقـراطيـة للساكنـة في بـنـاء مستقـبلـها، وتـوفيـر ظـروف العيـش الحـر الكـريـم، ضـمـن غـد أفضـل وأرغـد لأطفـالهـا. فـضـلا عن إعادة مـلاءمـة أنـمـاط قيـادة السيـاسـات العـمـومـيـة فـي اتـجـاه الـمـزيد مـن القـرب والـمسـؤوليـة والنجـاعـة، والشـراكـة مـع مختـلـف الفـاعليـن فـي مجـال التنـمـيـة.
 
وفـي هـذا الإطـار، فنحـن مقتنـعـون بـأن النـمـو الاقتصـادي ليـس بـمقـدوره لـوحـده أن يـمكننـا من بـلـوغ الغـايـات الـمثلـى للتنـميـة البشـريـة الـمستـديـمـة، كـمـا أنـه لـن يكـون قـويـا ومنـصفـا فـي أي بـلـد، طـالـمـا ظلت طـاقـات وطنـيـة واسـعـة عـلى هـامـش الحيـاة الاجتـمـاعيـة، ودواليـب وحـركيـة خلـق الثـروات.

وذلـكـم هـو النـمـوذج الـذي نعـمـل عـلى تـرسيخـه بالتـدريـج فـي بـلادنـا، بالنـظـر لـمـا نتـوفـر علـيـه من وسـائـل وطنيـة، ولـمـا يتيـحـه لنـا مـحيطنـا الإقـليـمي والـدولـي مـن إمكـانـات، وكـذا مـا يفـرضـه عليـنا مـن إكـراهـات وصعـوبـات.(....)

أنقر هنا للاطلاع على نص الرسالة