(...) يطيب لنا أن نتوجه إلى المشاركين في هذا اللقاء الوطني، الذي يلتئم من أجل تدارس مجال التعمير وشؤونه، متوخيا وضع الأسس المتينة لمدونة حديثة له، محكمة المبادئ، عتيدة القواعد، مضبوطة الآليات، وواضحة المقاصد. كما نثمن هذه الوقفة التأملية لإصلاح التعمير، التي تندرج في سياق تعزيز الأوراش الإصلاحية الكبرى، التي تعرفها بلادنا في شتى المجالات، وفي قطاع الإسكان والتعمير، الذي جعلناه في مقدمة السياسات العمومية، ومحورا استراتيجيا للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي أطلقناها، ونسهر على تفعيلها ميدانيا، وركنا أساسيا للمفهوم الجديد للسلطة، القائم على القرب، وتحفيز التنمية، وسيادة القانون، ودعامة قوية لتوفير السكن الكريم، الذي يعد من مقومات المواطنة الكاملة.(....)
(....) ولا يغيب عن بالكم، في هذا الصدد، الأهمية التي نوليها لموروثنا الحضاري، الذي يساهم بدور كبير في الإشعاع الثقافي والسياحي لبلادنا، بعد أن أصبحت حواضرنا التاريخية، والمواقع الطبيعية والأثرية المغربية، في العديد منها، ضمن لائحة التراث الإنساني، من المدن العتيقة والقصور والقصبات. وهو ما يحتم إبراز طابع هذا الموروث الحضاري، والعمل على صيانته، عند إعداد مدونة التعمير، وإعادة الاعتبار لمقوماتها الهندسية، ولمواد البناء المحلية المستعملة فيه، ولأنماط السكن المتجاوبة مع المعطيات المناخية والقروية، والتقاليد الاجتماعية المرعية.
لهذه الاعتبارات ولغيرها، فإننا نؤكد مدى العناية البالغة التي نوليها للتعجيل بإعداد وإقرار مدونة جديدة للتعمير، حتى تكون مستجيبة لتطلعاتنا من أجل إصلاح الأوضاع القائمة، وتوطيد الشفافية والتنافسية، ومبادئ الحكامة الجيدة، لتأهيل هذا المجال، والحفاظ على الهوية المغربية. مدونة تقوم على تبسيط المساطر وضبطها، والإنصاف العقاري، وتستهدف إنعاش وجلب الاستثمار، وخدمة التنمية البشرية، ومكافحة الفقر، وسد العجز الاجتماعي، والحفاظ على جمالية المجالين الحضري والقروي، وتلبية حاجيات المواطنين إلى المأوى اللائق والعيش الكريم، منسجمة في نفس الوقت، مع الخيارات التي أقرها المخطط الوطني لإعداد التراب، وما أفرزه من توجهات تتلاءم وتنوع مجالاتنا الترابية، مع الاستفادة القصوى من معطيات ونتائج الإحصاء العام للسكان والسكنى.(....)