صاحب الجلالة الملك محمد السادس يلقي خطابا خلال مأدبة الغداء الرسمي التي أقامها على شرف جلالته الرئيس البرازيلي السيد لويز إناسيو لولا دا سيلفا

برازيليا يوم 26/11/2004

" الحمد لله ،
والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه.
فخامة الرئيس ،
السيدة الفاضلة عقيلته ،
أصحاب المعالي، حضرات السيدات والسادة،
إن ابتهاجي بحرارة الاستقبال الذي خصصتموه لي، وللوفد المرافق لي، لايعادله إلا الامتنان لفخامتكم، والاعتزاز بما يعكسه ذلك من صداقة عريقة بين بلدينا، حيث كان المغرب في عهد جدي المنعم، السلطان مولاي سليمان، أول بلد يعترف باستقلال البرازيل، وأول دولة إفريقية تقيم علاقات دبلوماسية معها، منذ سنة 1884. كما أن هذه العلاقات تستمد قوتها من التراث الحضاري المشترك، ومن تقاسمنا لنفس هذا التوجه، في جعل التنمية المستدامة والقوية والتضامن، منطلقا لتقليص الفوارق الاجتماعية، ومحاربة الأمية والتهميش، منوهين بقراراتكم الشجاعة، في هذا الشأن، وباقتراحكم الرائد لإنشاء صندوق عالمي لمحاربة الفقر.
وإذ نؤكد إرادتنا الراسخة في توسيع التعاون الثنائي بين بلدينا، في كل المجالات، استثمارا للإمكانات الهائلة المتاحة، وتجسيد ذلك في إبرام اتفاق تجاري تفضيلي، وتعزيزه باتفاق أشمل للتبادل الحر بين المغرب وميركوسور، فإننا نتطلع وإياكم لإقامة نظام عالمي جديد متعدد الأطراف، يسوده الإنصاف والتوازن والتضامن، بإصلاح منظومة الأمم المتحدة، لجعلها منتدى ديمقراطيا، بما في ذلك توسيع تمثيلية مجلس الأمن.
وفي هذا الصدد، أود أن أجدد الإعراب عن إشادة المغرب ومساندته لمبادرتكم لتنظيم قمة دول أمريكا الجنوبية، وجامعة الدول العربية بالبرازيل، مؤكدين حرصنا على تكريس اجتماعها التمهيدي على مستوى وزراء الخارجية، بالمغرب لجعلها لبنة أساسية، لتمتين العلاقات بينهما، وتجسيد التعاون جنوب - جنوب.
ومن منطلق اعتبار المغرب لبناء الاتحاد المغاربي خيارا استراتيجيا، فإنه لن يدخر أي جهد من أجل إزاحة كل العراقيل التي تعيق إقامته. ولهذه الغاية، مافتئ المغرب يؤكد استعداده الصادق، للتعاون مع مختلف الأطراف المعنية، ومع هيأة الأمم المتحدة، لإيجاد حل سياسي، وتفاوضي ونهائي للنزاع المفتعل حول استكمال وحدته الترابية، يمكن كل سكان الصحراء من التدبير الذاتي لشؤونهم الجهوية، في نطاق الديمقراطية، واحترام سيادة المملكة ووحدتها الوطنية والترابية التي تعتبر قضية مصيرية بالنسبة لبلادنا، وتعد محل إجماع الشعب المغربي قاطبة. حل واقعي ومنصف، من شأنه تحصين المنطقة من مخاطر البلقنة والإرهاب وعدم الإستقرار.
كما أن المغرب الحريص على نهوض المجتمع الدولي بدوره كاملا، في تسوية النزاعات المهددة للسلم والأمن العالمي، وفي مقدمتها الأوضاع المتردية في منطقة الشرق الأوسط، ليدعو إلى إقرار سلام عادل وشامل ودائم للنزاع العربي الإسرائيلي، يضع حدا لمأساة الشعب الفلسطيني الشقيق، بما يضمن استرجاعه لحقوقه المشروعة، وكذا تمكين العراق من العيش في أمن وسلام، داخل دولته الموحدة، ذات السيادة الكاملة.
وختاما، فإني أدعوكم، أصحاب المعالي، حضرات السيدات والسادة، للوقوف تقديرا للإلتزام الصادق لسيادة الرئيس لويس إناسيو لولا دا سيلفا، بنصرة القضايا العادلة، وتكريما لفخامته وللسيدة عقيلته المحترمة، متمنيا للصداقة المغربية البرازيلية، موصول الرسوخ.

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته".