نص الرسالة السامية التي وجهها صاحب الجلالة الملك محمد السادس إلى المشاركين في الندوة الدولية حول موضوع "الدور الريادي لجلالة المغفور له الحسن الثاني في ملحمة الاستقلال و تحقيق الوحدة الترابية".

الرباط يوم 02/11/2000

"الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و اله وصحبه
حضرات السيدات و السادة
كم نحن مغتبطون بالنشاط الدي تبذله أسرة المقاومة وجيش التحرير في التذكير بالرباط الروحي الذي يشد الأمة المغربية إلى ملوكها و يجعل منها كلا جسده الدور الذي قام به جدنا محمد الخامس رضوان الله عليه في سبيل الاستقلال وعززه الدور الرائد الذي قام به والدنا المنعم المغفور له الحسن الثاني رحمه الله و اكرم مثواه في إرساء قواعد الاستقلال السياسي وأسس النظام الديمقراطي وتحقيق الآمال التي طالما اعتلجت قي قلوب المواطنين من جميع أطراف البلاد لتوحيد التراب الوطني من وجدة إلى الكويرة .
و في ذلكم بلغ جهاد والدنا المنعم أوج الإبداع الذي تجلى بأكمل مظاهره وأشمل صوره في المسيرة الخضراء التي كان سلاحها الإيمان وبركة القران وبركة القران واقتناعه بان السلام لا يستتب إلا بالوسائل المنسجمة مع مفهوم السلام.
ومما يثلج صدرنا ويزيد في سرورنا أن يكون لعاصمة مملكتنا شرف احتضان ندوتكم في هذا الموضوع بالذات و أن نستقبل بهده المناسبة عددا من الشخصيات من داخل المغرب و خارجه و ذلكم لإبراز ما قام به الملك الحسن الثاني بصدق جهاده وسداد قصده وفاء لما عوده عليه جدنا المغفور له محمد الخامس نور الله ضريحه من الإيمان الصادق بالواجب الوطني و الصالح العام و التشبث بقيم الشعب المغربي والتفاني في خدمته بحب ووفاء.
حضرات السيدات و السادة.
لقد كان من بواعث مسرتنا بهذه الندوة أن ذكرتنا بما كان يفتخر به والدنا المنعم رحمة الله عليه من انتمائه لمدرسة محمد الخامس.. مدرسة الوطنية الحقة و الاجتهاد الذي لا يشوبه التردد و الإيمان الذي يقود إلى النصر . وكذلك نشأ والدنا طيب الله ثراه فحضر وهو ابن أربع عشرة سنة إلى جانب جدنا الهمام في مؤتمر أنفا سنة 1943 واتصل برجال الحركة الوطنية. وأقدم وهو طالب بالمعهد المولوي في 29 يناير 1944 على المشاركة في الانتفاضة الشعبية التي أعقبت تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال. وتألق في زيارة الوحدة التاريخية في أبريل 1947 إلى مدينة طنجة فنشر بين الشباب وحث على القيام بما يستوجبه واقع الوطن من نهضة واتحاد مذكيا للحماس وملهما لقوى المجتمع و فعاليته.
و حينما امتدت يد المستعمر في 20 غشت 1953 لرمز سيادة الوطن و اهمة أنها بنفي الأسرة الملكية ستخمد جذوة الوطنية ظل مولاي الحسن إلى جانب والده الملك المجاهد المشجع والأمين والمعين والأنيس المتشبث بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها المتأهب لترسيخ دعائم المغرب الجديد.
لذلكم وجب التذكير هنا بأنه كان بتوجيهه ودعمه وإشرافه رائد انطلاقة جيش تحرير الأقاليم الجنوبية.. هذا الجيش الذي عمل مباشرة تحت إمرة جلالته وهو ولي للعهد مند 1957. واستطاع أن يحقق انتصارات كبرى بفضل أبناء الصحراء من مختلف قبائلها وبمساهمة إخوانهم من شمال المملكة فلم يبق بالساقية الحمراء ووادي الذهب شبر لم تروه دماء الشهداء تأكيدا لمغربية الصحراء ونضالا من أجل تحررها.
و لا يفوتنا هنا بصفتنا رئيسا للجنة القدس أن نبعث بتحيات الإكبار و الإجلال للشعب الفلسطيني الشقيق المجاهد في سبيل حريته استقلاله ومن اجل تحرير القدس الشريف و استرجاع كرامة العرب و المسلمين سائلين الله عز و جل أن يمدهم بعونه وتوفيقه و يوحد الأمة الإسلامية حول قضيتهم العادلة حتى يتحقق لهم كل ما يناضلون من اجله من حرية و استقلال وأمن وطمأنينة وسلام.
و في الختام، نود أن نبارك جهود الباحتين المغاربة و ضيوفهم وننوه بجميع المشاركين من رجالات الفكر والسياسة والحركة الوطنية والمقاومة في هذه الندوة مرحبين بهم قي لقاء الوفاء على أن نذكر فيه بالرجاء الذي يطفح فيه قلب شعبنا وهو أن نقطع أشسع المسافات في مقتبل المراحل لدعم مكتسباتنا. إذ كما كان يقول رحمه الله علينا بالتفكير في تحسين التدبير اذ ليس بالعزيز على من خاض معركة التحرير أن بواصل الكفاح من أجل ما يتوخاه من مصير جدير بالشعب كله أي بجميع المواطنات و المواطنين.
رحم الله شهداء الوطن الخالدين و في طليعتهم أب الوطنية و رمز المقاومة المغفور له محمد الخامس و المشمول بكرم الله الملك الموحد باني المغرب الحديث الحسن الثاني رضي الله عنهما و أرضاهما وسائر المجاهدين الاشاوس الذين وفوا ما عاهدوا الله عليه حبا لوطنهم و تمسكا بمقوماتهم و تعلقا بمقدساتهم و أسكنهم سبحانه و تعالى فسيح جنانه. قال تعالى "انا لا نضيع أجر من أحسن عملا".
صدق الله العظيم.
و السلا م عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته".