" الحمد لله وحده والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه
حجاجنا الميامين
ها هو ذا موسم الحج تشرق انواره فيتوجه المومنون في مشارق الأرض ومغاربها بقلوبهم ومشاعرهم إلى الديار المقدسة لأداء مناسك الحج والعمرة عملا بقوله تعالى.. " ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فان الله غني عن العالمين" وامتثالا لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال.. "يا أيها الناس ان الله قد فرض عليكم الحج فحجوا".
وبصفتنا أميرا للمؤمنين وحاميا لحمى الوطن والدين وجريا على سنن آبائنا وأجدادنا الأكرمين فاننا نولي عنايتنا الفائقة لأداء هذه الفريضة وتمكين رعايانا الأوفياء من القيام بها على الوجه الأكمل، وبهذه المناسبة نتوجه إليكم بهذه الرسالة الملكية مذكرين إياكم بأهمية ما ستقبلون عليه من أداء المناسك وبما يجب ان تكونوا عليه أثناء أدائها من سلوك حميد وخصال إسلامية سامية.
فاعلموا وفقكم الله انكم ستحلون في ضيافة الرحمان وتصلون في بيته الحرام الذي تعد الصلاة فيه بمائة ألف صلاة وفي المسجد النبوي الذي تعدل الصلاة فيه ألف صلاة والذي يقول فيه النبي صلى الله عليه وسلم.. "ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة" فتحلوا بجميل الصفات وكونوا مثالا يحتذى في حسن السلوك والمعاملة ولطف الأخلاق والمعاشرة ونبذ كل ما من شانه ان يفسد على الحاج نسكه امتثالا لأمره تعالى.. "الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فان خير الزاد التقوى واتقون يا أولي الألباب" وبذلك تنالون رضى الرحمان وتحظون بالتوبة والغفران وتقدير إخوانكم المسلمين في أقطار المعمور الذين تجمعكم وإياهم وحدة العقيدة والمصير المشترك والحضارة الإسلامية العريقة.
فاحمدوا الله الذي يسر لكم سبل أداء هذه الفريضة العظيمة واسألوه تعالىان يعينكم على إقامتها على الوجه الأكمل وأقبلوا عليه بقلوب طاهرة مليئة بالإيمان والإخلاص فانه سبحانه أعد أجرا عظيما لمن كان حجه مبرورا.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.. "من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه" وقال في حديث آخر.. "العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة". فاجعلوا من حجكم مناسبة لمجاهدة النفس والهوى وفرصة لتنقيتها مما يشينها ووسيلة للرقي بها في مدارج الصفاء وتذكروا باستمرار ان الحسنات والسيئات تعظم بعظم الزمان والمكان والشخص فاقدروا سدد الله خطاكم شرف الأشهر الحرم وقدسية الحرمين الشريفين وسمو العبادة فيهما.
حجاجنا الميامين
ان موسم الحج ليعتبر بحق موءتمرا إسلاميا يتجدد كل عام يحث على التعارف والتعاون بين المسلمين مهما اختلفت ألسنتهم وألوانهم وتباينت أصولهم وتباعدت بلدانهم ويقوي وحدة الأمة الإسلامية وتضامنها ويجسد خيريتها وفضائل دينها في الوسطية والاعتدال حتى يجعلها قادرة بعون الله تعإلى ان هي حسنت سلوكها وتحلت بقيم الإسلام المثلى في معاملاتها على ان تستعيد أمجادها. فكونوا وفقكم الله واعين بهذه القيم النبيلة محققين للتعايش والوفاق فيما بينكم مستحضرين قوله تعالى.. "يا أيها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان أكرمكم عند الله أتقاكم ان الله عليم خبير" وقوله سبحانه.. " انما المومنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون.
حجاجنا الميامين
اننا لنولي عناية خاصة لشعيرة الحج ولذلك نصدر في شان القيام بها على الوجه الأكمل من لدن رعايانا الأوفياء تعليماتنا لحكومتنا بصفة عامة ولوزيرنا في الأوقاف والشوءون الإسلامية بصفة خاصة من أجل هذه الغاية وذلك بتوفير كل مظاهر العناية بالحجيج وتتبع شوءونهم في تلك الديار المقدسة بالبعثات العلمية والإدارية والطبية وتمكينها من الوسائل الكفيلة بتقديم الخدمات الضرورية لكم والسهر على راحتكم في حلكم وترحالكم فتعاونوا مع أعضائها حتى توءدوا فريضتكم على أفضل وجه ترضونه لانفسكم.
كما نوصيكم باحترام الإجراءات التي تتخذها المملكة العربية السعودية الشقيقة لتنظيم مناسك الحج والعمرة ولزيارة المدينة المنورة بتوجيهات من شقيقنا خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز وولي عهده صاحب السمو الملكي الامير عبد الله بن عبد العزيز اللذين يوليان حفظهما الله عناية خاصة لشوءون الحج وضيوف الرحمان في ذلكم البلد الأمين.
حجاجنا الميامين
تذكروا رعاكم الله وانتم في تلك البقاع الطاهرة ما عليكم من واجب الدعاء الخالص لعاهلكم الساهر على شوءون دينكم ودنياكم وانتم تتضرعون إليه تعالىفي عرفات وفي سائر المشاعر المقدسة سائلين الله سبحانه لنا نعمة الصحة والعافية للنهوض بمسؤولياتنا الدينية والدنيوية وان ينبت ولي عهدنا نباتا حسنا وان يرينا في شعبنا ما تقر به أعيننا وان يواصل ما نتبادله من حب وإخلاص وان يمطر شآبيب الرحمة والرضوان على والدنا جلالة الملك الحسن الثاني وعلى جدنا جلالة الملك محمد الخامس طيب الله ثراهما وجزاهما عنا وعن المغرب خير الجزاء.
ولا يفوتكم وانتم في تلك البقاع المباركة التي يستجاب فيها الدعاء ان تسألوه سبحانه لبلدنا ولبلدان المسلمين نعمة الطمانينة والاستقرار ودوام التقدم والازدهار حتى تستعيد كامل عزتها ومنعتها وقدرتها على رفع التحديات ومجابهة الأزمات.
نسأل الله العلي القدير موجبات رحمته وعزائم مغفرته والغنيمة من كل بر والسلامة من كل إثم وان يجعل حجكم مبرورا وسعيكم مشكورا وذنبكم مغفورا وان يشملكم بلطفه ويكتب لكم السلامة في الذهاب والإياب ويعيدكم إلى ذويكم مشمولين بالغفران وجزيل الثواب.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته".