نص الكلمة التي ألقاها جلالة الملك خلال مأدبة العشاء التي أقامها الرئيس الروسي على شرف جلالته

موسكو يوم 15/10/2002

"الحمد لله والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه
فخامة السيد فلاديمير بوتين رئيس فيدرالية روسيا،
أصحاب المعالي سيداتي سادتي..
أود في البداية أن أعرب عن ابتهاجي وفائق امتناني لحفاوة الاستقبال التي حرصتم على تخصيصها لي وللوفد المرافق لي منذ حلولنا ببلدكم العريق والعظيم; منوها بالإصلاحات الهيكلية الموفقة ‏التي ما فتئتم تقودونها بشجاعة وبروءية متبصرة خلاقة.
وإني لأستشعر في هذه اللحظة المتميزة ما يجمع بلدينا من علاقات مثمرة وعريقة، ظلت تترسخ‏منذ مبادرة جدي المنعم السلطان سيدي محمد بن عبد الله لدى الإمبراطورة كاثرين الثانية سنة 1778 باقتراح إبرام معاهدة صداقة وسلم بين البلدين مستحضرا ما تراكم بعدها من ريد تاريخي مفعم بالسلم والثقة والاحترام المتبادل من أجل تجديد وتوثيق العهد معكم على إعطاء دينامية جديدة وقوية لتلكم العلاقات.
إن الإعلان المشترك حول الشراكة الاستراتيجية بين بلدينا ليعد بمثابة برنامج حقيقي لتجسيد طموحاتنا لتطوير علاقاتنا السياسية والاقتصادية والعلمية والتقنية.
إن المغرب، ‏الذي ظل عبر تاريخه متشبثا بقيم الإسلام، ‏في التسامح والاعتدال واحترام الغير ‏والدعوة إلى السلم، ‏ملتزم أقوى التزام مع المجموعة الدولية ‏للقضاء على كافة أشكال العنف والإرهاب باعتماد مقاربة شمولية قائمة على تضافر الجهود من أجل استئصال أسبتوتر والنزاع حيثما كانت.
وفي هذا السياق، فإن المغرب المنشغل بما يعانيه الشعب الفلسطيني الشقيق من عدوان إسرائيل وحصارها الجائر ليعمل ولا سيما بصفته رئيسا للجنة القدس على إنهاء دوامة العنف والعنف المضاد واستئناف المفاوضات على أساس قرارات الشرعية الدولية منوها بالتزام بلدكم العظيم وبصفته أحد رعاة عملية السلام ‏من أجل إنصاف الشعب الفلسطيني بتمكينه من حقه في إقامة دولته المستقلة ‏وعاصمتها القدس الشريف.
وفضلا عن ذلك فإن خطورة الأوضاع بالمنطقة الحساسة للشرق الأوسط ستظل تنذر بتهديد السلام العالمي ما لم يتم جلاء إسرائيل عن كل الأراضي العربية المحتلة وإيجاد حل لمأساة الشعب العراقي الشقيق.
ولا يفوتني أن أشيد بما ساد مباحثاتنا من انشغال مشترك بالأوضاع المتردية في القارة الإفريقية ‏وبضرورة التضامن الدولي الفاعل من أجل ضمان الاستقرار والوحدة الترابية والوطنية لبلدانها الشقيقة وتنميتها المستدامة.
فخامة الرئيس..
إن المغرب الذي جعل من اتحاد المغرب العربي خيارا استراتيجيا لم يدخر جهدا في بنائه على أسس سليمة موءكدا في هذا الشأن عزمه الصادق لمواصله تعاونه التام بانفتاح وتجاوب مع هيأة الأمم المتحدة من أجل إيجاد حل سياسي للنزاع المفتعل حول أقاليمنا الجنوبية يقوم على تخوليها صلاحية التدبير الديمقراطي لشوءونها الجهوية في إطار احترام سيادتنا ووحدتنا الترابية.
وإنني لواثق، فخامة الرئيس أن ما أجريناه من محادثات غنية ومكثفة حول جميع القضايا التي تهم بلدينا الصديقين سيجعل علاقاتنا تحقق نقلة نوعية كما أن قرارنا بإعطاء اللجنة المختلطة المغربية الروسية بعدا جديدا ‏وأهمية فائقة ليجسد إرادتنا في فتح آفاق مستقبية واعدة من التعاون المثمر.
وإذ أتطلع لأن يتوج لقاوءنا بقيام شراكة استراتيجية متميزة عمادها الصداقة المتينة والتفاهم المتبادل والتعاون الفعال لما فيه خير شعبينا فإنني أدعوكم حضرات السيدات والسادة للوقوف تكريما لصديقنا الكبير فخامة السيد فلاديمير بوتين رئيس فيدرالية روسيا ولعقيلته الجليلة متمنيا للصداقة المغربية الروسية المزيد من القوة والاستمرار.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته".