نص الكلمة السامية التي وجهها صاحب الجلالة الملك محمد السادس إلى قمةالألفية المنعقدة بمقر الأمم المتحدة بنيويورك

نيويورك- الأمم المتحدة يوم 07/09/2000

"الحمد لله و الصلاة و السلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه..
السيدة الرئيسة السيد الرئيس..
أصحاب الجلالة و الفخامة و السمو و المعالي..
السيد الآمين العام..
آيتها السيدات آيها السادة..
يشرفني أن انقل إلى جميع أصحاب الجلالة والسمو والفخامة والمعالي ملوك وأمراء ورؤساء الدول و الحكومات أو ممثليهم المشاركين في قمة الألفية تحيات وتقدير صاحب الجلالة محمد السادس نصره الله ملك المغرب.
وقد شرفني جلالته بأن أنوب عنه في إلقاء الخطاب الملكي التالي الذي كان جلالته يود أن يلقيه شخصيا أمام جمعكم الموقر لما يليه لقمة الألفية من أهمية بالغة.
و إليكم حضرات السيدات والسادة نص الكلمة الملكية السامية..
"أود في مستهل كلمتي أن أتقدم بهذه المناسبة الفريدة والاستثنائية بالشكر لكل الذين ساهموا في الإعداد لقمة الألفية هاته. و أريد أن أخص بالتهنئة السيد الأمين العام للأمم المتحدة الذي دعانا لهذا الملتقي لكي ننكب جميعا على إجراء تقييم لما عليه حال العالم ضمن رؤية طموحة وجريئة لمستقبل الإنسانية.
لقد شهد العالم خلال القرن المنتهى الأحسن مثلما عرف الاسوأ حيث استفاد من خطوات جبارة لم يسبق لها نظير في مجال تقدم العلوم والتكنولوجيا والاتصالات الشاملة ولكنه عانى من الحروب الدامية و التيارات الاستبدادية والاضطرابات الكبرى بدرجة لامثيل لها من قبل.
واليوم وقد تنافست الرؤى الفكرية عالميا حول سمو القانون والمثل العليا للديمقراطية فقد غدا بالإمكان أن نجنب الأجيال المقبلة أهوال الرعب واللامساواة التي يجر تبعاتها القرن المنتهى وأن نكسر حيث مازالت قائمة الأغلال المشؤومة للبؤس والجهل والإقصاء.
إننا نحن رؤساء الدول والحكومات بمشاركتنا في هذا الحدث التاريخي لمن واجبنا أن نقر رسميا ونحن ندخل الألفية الجديدة بأننا عازمون على رسم أفق جديد للإنسانية غايته بلوغ الكمال في العدالة و إشاعة روح التعاطف في التضامن.
السيدة الرئيسة السيد الرئيس..
إن هذا الأفق الجديد للإنسانية ينبني أولا على مفهوم قوامه " الأمن الإنساني الشامل "بمعنى أن لا يشهد أي مكان في أنحاء المعمور موت طفل من الجوع ولا انتشار وباء ولا حدوث توتر عرقي ولا اعتداء على امرأة بسبب الميز أو امتهانا لكرامتها ولا انتهاكا لحق التعبير ولا معاناة مهاجر لمحنة الإقصاء ولا حرمان إنسان من التربية ولا نزاعا حول مياه مشتركة ولامحنة يعانيها أناس من جراء عقوبة جائرة.
وينبني هذا الأفق الجديد أيضا على التناسق الاستراتيجي والمؤسساتي إذ لا يتحقق حسن التدبير محليا إلا في سياق ديمقراطية عالمية كاملة ينعشها نظام الأمم المتحدة فعال ومتوفر على كل الموارد البشرية و المالية الملائمة و الكفيلة بجعل مختلف منظماته تنهض بالمهام الكونية الموكولة إليها.
و في هذا الصدد يستحسن بعد ما طال الانتظار العمل على تعديل ميثاق الأمم المتحدة بتحيين بعض مقتضياته التي أصبحت متجاوزة مع الاحتفاظ بالمبادئ ذات المغزى الكوني التي بنيت عليها تلكم المنظمة ذات الخصوصيات الفريدة و المنتظر منها أن تلعب دور المحرك في عملية التدبير الكلي للمشاكل العالمية.
ويستحسن في نفس السياق أن نغتنم الدفعة السياسية لهذه القمة للسير قدما بعملية إعادة هيكلة مجلس الآمن حتى يتيسر لهذا الجهاز ذي الأهمية القصوى أن يعكس الهندسة الجيوسياسية الجديدة للعالم وذلك وفق أفضل شروط التجرد و النزاهة و الفاعلية و التمثيلية و المشروعية التي لا تقبل أي طعن و نزاع.. ذلك أنه منذ الإصلاح الذي يعود إلى سنة 1963 تضاعف عدد الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بمقدار الثلثين وقد حان الوقت لتوسيع تمثيل المجموعة النامية بالمجلس مع ايلاء معيار الالتزام الفعلي بالحفاظ على السلم و الأمن الدوليين ما يستحقه من الأهمية.
ومن جهة أخرى فإن ما يعرف بالفجوة الرقمية لن يتأتى تقليصها إلا عبر ديمقراطية تكنولوجية تقر بحق الجميع في اقتناء تكنولوجيات الإعلام باعتبارها ملكا عاما مشاعا.
وأخيرا فإننا نؤمن إيمانا راسخا بأنه يتعين على نظام عالمي مبني على أساس القانون والإنصاف وأن يحد من اختلالات الاقتصاد العالمي ويقلص من المفعول العكسي لحركة رؤوس الأموال المسخرة للمضاربة فضلا عن أثره الحاسم في تقليص الفوارق الطبقية الاجتماعية والجهوية عبر العالم.
وفي هذا المضمار نود أن نذكر بمضمون النداء الذي وجهه والدنا المنعم جلالة الملك الحسن الثاني تغمده الله بواسع رحمته من مراكش في أبريل 1994 بمناسبة ميلاد المنظمة العالمية للتجارة والذي دعا فيه إلى تفعيل نظام لحسن التدبير متعدد الأطراف وشامل خاصة عن طريق التنسيق والتناسق المحكم للعمليات التي تباشرها مؤسسات "بروتن وودز" و المنظمة العالمية للتجارة.
السيدة الرئيسة السيد الرئيس..
إن مجمل المؤشرات والإحصاءات المتوفرة وما يستنتج من التوجهات العشوائية التي تطبع هندسة الاقتصاد العالمي تدل هي الأخرى بأنه قد أصبح من المحتم إيجاد مصادر جديدة لتمويل التنمية المستديمة و إلا تم الحكم على شرائح واسعة من البشرية بالفقر الذي لا حد له مع ما يترتب على ذلك من أخطار قد تزج بالعالم في زوبعة من الاضطرابات يكون من عواقبها القضاء على ما حققه القانون الدولي من خطوات واعدة وما تم من انفراج نسبي على الواجهتين الأيديولوجية و الجيوسياسية.
إن الدورة الطارئة التي ستجتمع على أعلى مستوى في السنة المقبلة لبحث موضوع "الشراكة الدولية من أجل التنمية" تتيح فرصة استثنائية لابتكار تصورات خلاقة و توفير موارد إضافية لفائدة العالم النامي الذي يرزح حاليا تحت وطأة تحفظ المانح و عدم اكتراث المستثمر.
وهذه المبادرة فضلا عن أنها ستكون بمثابة الفعل المؤسس لجيل جديد لدبلوماسية متعددة الأطراف فإنها ستكون كذلك نواة لتضامن فعال بين الناس و منطلقا لما يمكن التعبير عنه " بالوطنية الكونية".
وفي هذا الصدد فإن القارة الأفريقية المهمشة في كل مناحي الحياة الدولية لهي في أمس الحاجة إلى استراتيجية لتأهيلها في مستويات متعددة تتضمن على وجه الخصوص التخفيض الملموس لمديونيتها الخارجية و رفع الحواجز الحمائية التي تحد من مردودية منتوجاتها المبخوسة القيمة ووضع برامج للهيكلة تتلاءم وتهدئة نزاعاتها وتنمية سريعة لمواردها البشرية و تحويلات التكنولوجيا الملائمة ومساعدة مالية تتطابق بنيويا مع متطلباتها.
وفى هذا الشأن فإن المملكة المغربية تقترح قيام منظمة الأمم المتحدة بوضع آلية دائمة على أعلى مستوى مكلفة بتفعيل القرارات المتخذة من قبل المجموعة الدولية لصالح إفريقيا.
إننا نشكركم على حسن انتباهكم ونتمنى لكم التوفيق في إنجاح هذا التجمع الألفي الذي كرس له أميننا العام وسائر الموظفين الأمميين بتعاون مع ندوة المنظمات الغير الحكومية سخى جهودهم وكامل عنايتهم ودرايتهم".
انتهى نص الكلمة الملكية السامية.
والسلام عليكم ورحمة الله تعإلى وبركاته".

"الحمد لله و الصلاة و السلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه..
السيدة الرئيسة السيد الرئيس..
أصحاب الجلالة و الفخامة و السمو و المعالي..
السيد الآمين العام..
آيتها السيدات آيها السادة..
يشرفني أن انقل إلى جميع أصحاب الجلالة والسمو والفخامة والمعالي ملوك وأمراء ورؤساء الدول و الحكومات أو ممثليهم المشاركين في قمة الألفية تحيات وتقدير صاحب الجلالة محمد السادس نصره الله ملك المغرب.
وقد شرفني جلالته بأن أنوب عنه في إلقاء الخطاب الملكي التالي الذي كان جلالته يود أن يلقيه شخصيا أمام جمعكم الموقر لما يليه لقمة الألفية من أهمية بالغة.
و إليكم حضرات السيدات والسادة نص الكلمة الملكية السامية..
"أود في مستهل كلمتي أن أتقدم بهذه المناسبة الفريدة والاستثنائية بالشكر لكل الذين ساهموا في الإعداد لقمة الألفية هاته. و أريد أن أخص بالتهنئة السيد الأمين العام للأمم المتحدة الذي دعانا لهذا الملتقي لكي ننكب جميعا على إجراء تقييم لما عليه حال العالم ضمن رؤية طموحة وجريئة لمستقبل الإنسانية.
لقد شهد العالم خلال القرن المنتهى الأحسن مثلما عرف الاسوأ حيث استفاد من خطوات جبارة لم يسبق لها نظير في مجال تقدم العلوم والتكنولوجيا والاتصالات الشاملة ولكنه عانى من الحروب الدامية و التيارات الاستبدادية والاضطرابات الكبرى بدرجة لامثيل لها من قبل.
واليوم وقد تنافست الرؤى الفكرية عالميا حول سمو القانون والمثل العليا للديمقراطية فقد غدا بالإمكان أن نجنب الأجيال المقبلة أهوال الرعب واللامساواة التي يجر تبعاتها القرن المنتهى وأن نكسر حيث مازالت قائمة الأغلال المشؤومة للبؤس والجهل والإقصاء.
إننا نحن رؤساء الدول والحكومات بمشاركتنا في هذا الحدث التاريخي لمن واجبنا أن نقر رسميا ونحن ندخل الألفية الجديدة بأننا عازمون على رسم أفق جديد للإنسانية غايته بلوغ الكمال في العدالة و إشاعة روح التعاطف في التضامن.
السيدة الرئيسة السيد الرئيس..
إن هذا الأفق الجديد للإنسانية ينبني أولا على مفهوم قوامه " الأمن الإنساني الشامل "بمعنى أن لا يشهد أي مكان في أنحاء المعمور موت طفل من الجوع ولا انتشار وباء ولا حدوث توتر عرقي ولا اعتداء على امرأة بسبب الميز أو امتهانا لكرامتها ولا انتهاكا لحق التعبير ولا معاناة مهاجر لمحنة الإقصاء ولا حرمان إنسان من التربية ولا نزاعا حول مياه مشتركة ولامحنة يعانيها أناس من جراء عقوبة جائرة.
وينبني هذا الأفق الجديد أيضا على التناسق الاستراتيجي والمؤسساتي إذ لا يتحقق حسن التدبير محليا إلا في سياق ديمقراطية عالمية كاملة ينعشها نظام الأمم المتحدة فعال ومتوفر على كل الموارد البشرية و المالية الملائمة و الكفيلة بجعل مختلف منظماته تنهض بالمهام الكونية الموكولة إليها.
و في هذا الصدد يستحسن بعد ما طال الانتظار العمل على تعديل ميثاق الأمم المتحدة بتحيين بعض مقتضياته التي أصبحت متجاوزة مع الاحتفاظ بالمبادئ ذات المغزى الكوني التي بنيت عليها تلكم المنظمة ذات الخصوصيات الفريدة و المنتظر منها أن تلعب دور المحرك في عملية التدبير الكلي للمشاكل العالمية.
ويستحسن في نفس السياق أن نغتنم الدفعة السياسية لهذه القمة للسير قدما بعملية إعادة هيكلة مجلس الآمن حتى يتيسر لهذا الجهاز ذي الأهمية القصوى أن يعكس الهندسة الجيوسياسية الجديدة للعالم وذلك وفق أفضل شروط التجرد و النزاهة و الفاعلية و التمثيلية و المشروعية التي لا تقبل أي طعن و نزاع.. ذلك أنه منذ الإصلاح الذي يعود إلى سنة 1963 تضاعف عدد الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بمقدار الثلثين وقد حان الوقت لتوسيع تمثيل المجموعة النامية بالمجلس مع ايلاء معيار الالتزام الفعلي بالحفاظ على السلم و الأمن الدوليين ما يستحقه من الأهمية.
ومن جهة أخرى فإن ما يعرف بالفجوة الرقمية لن يتأتى تقليصها إلا عبر ديمقراطية تكنولوجية تقر بحق الجميع في اقتناء تكنولوجيات الإعلام باعتبارها ملكا عاما مشاعا.
وأخيرا فإننا نؤمن إيمانا راسخا بأنه يتعين على نظام عالمي مبني على أساس القانون والإنصاف وأن يحد من اختلالات الاقتصاد العالمي ويقلص من المفعول العكسي لحركة رؤوس الأموال المسخرة للمضاربة فضلا عن أثره الحاسم في تقليص الفوارق الطبقية الاجتماعية والجهوية عبر العالم.
وفي هذا المضمار نود أن نذكر بمضمون النداء الذي وجهه والدنا المنعم جلالة الملك الحسن الثاني تغمده الله بواسع رحمته من مراكش في أبريل 1994 بمناسبة ميلاد المنظمة العالمية للتجارة والذي دعا فيه إلى تفعيل نظام لحسن التدبير متعدد الأطراف وشامل خاصة عن طريق التنسيق والتناسق المحكم للعمليات التي تباشرها مؤسسات "بروتن وودز" و المنظمة العالمية للتجارة.
السيدة الرئيسة السيد الرئيس..
إن مجمل المؤشرات والإحصاءات المتوفرة وما يستنتج من التوجهات العشوائية التي تطبع هندسة الاقتصاد العالمي تدل هي الأخرى بأنه قد أصبح من المحتم إيجاد مصادر جديدة لتمويل التنمية المستديمة و إلا تم الحكم على شرائح واسعة من البشرية بالفقر الذي لا حد له مع ما يترتب على ذلك من أخطار قد تزج بالعالم في زوبعة من الاضطرابات يكون من عواقبها القضاء على ما حققه القانون الدولي من خطوات واعدة وما تم من انفراج نسبي على الواجهتين الأيديولوجية و الجيوسياسية.
إن الدورة الطارئة التي ستجتمع على أعلى مستوى في السنة المقبلة لبحث موضوع "الشراكة الدولية من أجل التنمية" تتيح فرصة استثنائية لابتكار تصورات خلاقة و توفير موارد إضافية لفائدة العالم النامي الذي يرزح حاليا تحت وطأة تحفظ المانح و عدم اكتراث المستثمر.
وهذه المبادرة فضلا عن أنها ستكون بمثابة الفعل المؤسس لجيل جديد لدبلوماسية متعددة الأطراف فإنها ستكون كذلك نواة لتضامن فعال بين الناس و منطلقا لما يمكن التعبير عنه " بالوطنية الكونية".
وفي هذا الصدد فإن القارة الأفريقية المهمشة في كل مناحي الحياة الدولية لهي في أمس الحاجة إلى استراتيجية لتأهيلها في مستويات متعددة تتضمن على وجه الخصوص التخفيض الملموس لمديونيتها الخارجية و رفع الحواجز الحمائية التي تحد من مردودية منتوجاتها المبخوسة القيمة ووضع برامج للهيكلة تتلاءم وتهدئة نزاعاتها وتنمية سريعة لمواردها البشرية و تحويلات التكنولوجيا الملائمة ومساعدة مالية تتطابق بنيويا مع متطلباتها.
وفى هذا الشأن فإن المملكة المغربية تقترح قيام منظمة الأمم المتحدة بوضع آلية دائمة على أعلى مستوى مكلفة بتفعيل القرارات المتخذة من قبل المجموعة الدولية لصالح إفريقيا.
إننا نشكركم على حسن انتباهكم ونتمنى لكم التوفيق في إنجاح هذا التجمع الألفي الذي كرس له أميننا العام وسائر الموظفين الأمميين بتعاون مع ندوة المنظمات الغير الحكومية سخى جهودهم وكامل عنايتهم ودرايتهم".
انتهى نص الكلمة الملكية السامية.
والسلام عليكم ورحمة الله تعإلى وبركاته".

"الحمد لله و الصلاة و السلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه..
السيدة الرئيسة السيد الرئيس..
أصحاب الجلالة و الفخامة و السمو و المعالي..
السيد الآمين العام..
آيتها السيدات آيها السادة..
يشرفني أن انقل إلى جميع أصحاب الجلالة والسمو والفخامة والمعالي ملوك وأمراء ورؤساء الدول و الحكومات أو ممثليهم المشاركين في قمة الألفية تحيات وتقدير صاحب الجلالة محمد السادس نصره الله ملك المغرب.
وقد شرفني جلالته بأن أنوب عنه في إلقاء الخطاب الملكي التالي الذي كان جلالته يود أن يلقيه شخصيا أمام جمعكم الموقر لما يليه لقمة الألفية من أهمية بالغة.
و إليكم حضرات السيدات والسادة نص الكلمة الملكية السامية..
"أود في مستهل كلمتي أن أتقدم بهذه المناسبة الفريدة والاستثنائية بالشكر لكل الذين ساهموا في الإعداد لقمة الألفية هاته. و أريد أن أخص بالتهنئة السيد الأمين العام للأمم المتحدة الذي دعانا لهذا الملتقي لكي ننكب جميعا على إجراء تقييم لما عليه حال العالم ضمن رؤية طموحة وجريئة لمستقبل الإنسانية.
لقد شهد العالم خلال القرن المنتهى الأحسن مثلما عرف الاسوأ حيث استفاد من خطوات جبارة لم يسبق لها نظير في مجال تقدم العلوم والتكنولوجيا والاتصالات الشاملة ولكنه عانى من الحروب الدامية و التيارات الاستبدادية والاضطرابات الكبرى بدرجة لامثيل لها من قبل.
واليوم وقد تنافست الرؤى الفكرية عالميا حول سمو القانون والمثل العليا للديمقراطية فقد غدا بالإمكان أن نجنب الأجيال المقبلة أهوال الرعب واللامساواة التي يجر تبعاتها القرن المنتهى وأن نكسر حيث مازالت قائمة الأغلال المشؤومة للبؤس والجهل والإقصاء.
إننا نحن رؤساء الدول والحكومات بمشاركتنا في هذا الحدث التاريخي لمن واجبنا أن نقر رسميا ونحن ندخل الألفية الجديدة بأننا عازمون على رسم أفق جديد للإنسانية غايته بلوغ الكمال في العدالة و إشاعة روح التعاطف في التضامن.
السيدة الرئيسة السيد الرئيس..
إن هذا الأفق الجديد للإنسانية ينبني أولا على مفهوم قوامه " الأمن الإنساني الشامل "بمعنى أن لا يشهد أي مكان في أنحاء المعمور موت طفل من الجوع ولا انتشار وباء ولا حدوث توتر عرقي ولا اعتداء على امرأة بسبب الميز أو امتهانا لكرامتها ولا انتهاكا لحق التعبير ولا معاناة مهاجر لمحنة الإقصاء ولا حرمان إنسان من التربية ولا نزاعا حول مياه مشتركة ولامحنة يعانيها أناس من جراء عقوبة جائرة.
وينبني هذا الأفق الجديد أيضا على التناسق الاستراتيجي والمؤسساتي إذ لا يتحقق حسن التدبير محليا إلا في سياق ديمقراطية عالمية كاملة ينعشها نظام الأمم المتحدة فعال ومتوفر على كل الموارد البشرية و المالية الملائمة و الكفيلة بجعل مختلف منظماته تنهض بالمهام الكونية الموكولة إليها.
و في هذا الصدد يستحسن بعد ما طال الانتظار العمل على تعديل ميثاق الأمم المتحدة بتحيين بعض مقتضياته التي أصبحت متجاوزة مع الاحتفاظ بالمبادئ ذات المغزى الكوني التي بنيت عليها تلكم المنظمة ذات الخصوصيات الفريدة و المنتظر منها أن تلعب دور المحرك في عملية التدبير الكلي للمشاكل العالمية.
ويستحسن في نفس السياق أن نغتنم الدفعة السياسية لهذه القمة للسير قدما بعملية إعادة هيكلة مجلس الآمن حتى يتيسر لهذا الجهاز ذي الأهمية القصوى أن يعكس الهندسة الجيوسياسية الجديدة للعالم وذلك وفق أفضل شروط التجرد و النزاهة و الفاعلية و التمثيلية و المشروعية التي لا تقبل أي طعن و نزاع.. ذلك أنه منذ الإصلاح الذي يعود إلى سنة 1963 تضاعف عدد الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بمقدار الثلثين وقد حان الوقت لتوسيع تمثيل المجموعة النامية بالمجلس مع ايلاء معيار الالتزام الفعلي بالحفاظ على السلم و الأمن الدوليين ما يستحقه من الأهمية.
ومن جهة أخرى فإن ما يعرف بالفجوة الرقمية لن يتأتى تقليصها إلا عبر ديمقراطية تكنولوجية تقر بحق الجميع في اقتناء تكنولوجيات الإعلام باعتبارها ملكا عاما مشاعا.
وأخيرا فإننا نؤمن إيمانا راسخا بأنه يتعين على نظام عالمي مبني على أساس القانون والإنصاف وأن يحد من اختلالات الاقتصاد العالمي ويقلص من المفعول العكسي لحركة رؤوس الأموال المسخرة للمضاربة فضلا عن أثره الحاسم في تقليص الفوارق الطبقية الاجتماعية والجهوية عبر العالم.
وفي هذا المضمار نود أن نذكر بمضمون النداء الذي وجهه والدنا المنعم جلالة الملك الحسن الثاني تغمده الله بواسع رحمته من مراكش في أبريل 1994 بمناسبة ميلاد المنظمة العالمية للتجارة والذي دعا فيه إلى تفعيل نظام لحسن التدبير متعدد الأطراف وشامل خاصة عن طريق التنسيق والتناسق المحكم للعمليات التي تباشرها مؤسسات "بروتن وودز" و المنظمة العالمية للتجارة.
السيدة الرئيسة السيد الرئيس..
إن مجمل المؤشرات والإحصاءات المتوفرة وما يستنتج من التوجهات العشوائية التي تطبع هندسة الاقتصاد العالمي تدل هي الأخرى بأنه قد أصبح من المحتم إيجاد مصادر جديدة لتمويل التنمية المستديمة و إلا تم الحكم على شرائح واسعة من البشرية بالفقر الذي لا حد له مع ما يترتب على ذلك من أخطار قد تزج بالعالم في زوبعة من الاضطرابات يكون من عواقبها القضاء على ما حققه القانون الدولي من خطوات واعدة وما تم من انفراج نسبي على الواجهتين الأيديولوجية و الجيوسياسية.
إن الدورة الطارئة التي ستجتمع على أعلى مستوى في السنة المقبلة لبحث موضوع "الشراكة الدولية من أجل التنمية" تتيح فرصة استثنائية لابتكار تصورات خلاقة و توفير موارد إضافية لفائدة العالم النامي الذي يرزح حاليا تحت وطأة تحفظ المانح و عدم اكتراث المستثمر.
وهذه المبادرة فضلا عن أنها ستكون بمثابة الفعل المؤسس لجيل جديد لدبلوماسية متعددة الأطراف فإنها ستكون كذلك نواة لتضامن فعال بين الناس و منطلقا لما يمكن التعبير عنه " بالوطنية الكونية".
وفي هذا الصدد فإن القارة الأفريقية المهمشة في كل مناحي الحياة الدولية لهي في أمس الحاجة إلى استراتيجية لتأهيلها في مستويات متعددة تتضمن على وجه الخصوص التخفيض الملموس لمديونيتها الخارجية و رفع الحواجز الحمائية التي تحد من مردودية منتوجاتها المبخوسة القيمة ووضع برامج للهيكلة تتلاءم وتهدئة نزاعاتها وتنمية سريعة لمواردها البشرية و تحويلات التكنولوجيا الملائمة ومساعدة مالية تتطابق بنيويا مع متطلباتها.
وفى هذا الشأن فإن المملكة المغربية تقترح قيام منظمة الأمم المتحدة بوضع آلية دائمة على أعلى مستوى مكلفة بتفعيل القرارات المتخذة من قبل المجموعة الدولية لصالح إفريقيا.
إننا نشكركم على حسن انتباهكم ونتمنى لكم التوفيق في إنجاح هذا التجمع الألفي الذي كرس له أميننا العام وسائر الموظفين الأمميين بتعاون مع ندوة المنظمات الغير الحكومية سخى جهودهم وكامل عنايتهم ودرايتهم".
انتهى نص الكلمة الملكية السامية.
والسلام عليكم ورحمة الله تعإلى وبركاته".