نص الخطاب الملكي السامي بمناسبة استقبال جلالته لرئيسي مجلسي البرلمان وتسليمهما لجلالته قانون مدونة الأسرة بعد المصادقة عليه بالإجماع

الرباط يوم 03/02/2004

" الحمد لله وحده والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه
حضرات السيدات والسادة
اننا بحرصنا على ان نتسلم من رئيسي مجلسي البرلمان مدونة الأسرة انما نؤكد التزامنا الثابت بالقيم المؤسسة لهذا القانون الذي يدخل سجل تاريخ المغرب ليس فقط باعتباره لبنة جوهرية في بناء مجتمعنا الديمقراطي الحداثي وانما أيضا لاننا جسدنا به التكامل بين المرجعية الإسلامية والكونية القائمتين على مبادىء الحرية والمساواة والانصاف والتضامن.
وبصفتنا أمير الموءمنين فاننا من خلال هذا العمل الرائد قد ساهمنا فيما يتعين على الأمة الإسلامية القيام به من أجل تصحيح صورة الإسلام السمحة مما لحقها من تشويه وتطرف مؤكدين قدرة العقل الإسلامي على الانسجام مع الحداثة.
وإذا كنا منذ اعتلائنا العرش قد جعلنا في صدارة سياستنا إيجاد مدونة حديثة للأسرة بهذه المواصفات والمرجعيات، وفي خضم تيارات مختلفة فاننا بقدر ما نحمد الله تعالىعلى توفيقنا في انجازها بما تتضمنه من انصاف للمرأة وحماية لحقوق الأطفال وصيانة لكرامة الرجل نجدد التأكيد على انها مكسب للمغاربة جميعا منوهين بإجماع كل ممثلي الأمة ومكوناتها عليها ضمن نقاش ديمقراطي مسؤول والتحام وثيق بين العرش والشعب.
ومهما تكن أهمية المكاسب المحققة والتي نتوجها اليوم بوضع طابعنا الشريف على قانون مدونة الأسرة وإصدار الأمر بتنفيذه فاننا لن ندخر جهدا لتفعيلها على الوجه الأمثل من خلال قضاء مؤهل ومستقل وفعال ومنصف وبواسطة كافة المنابر والهيئات لتحسيس عامة الشعب بها ليس باعتبارها مكسبا للمرأة وحدها بل بكونها دعامة للأسرة المغربية المتوازنة المتشبعة بها ثقافة وممارسة وسلوكا تلقائيا.
كما اننا عازمون على ان نوفر لتفعيل مدونة الأسرة ليس فقط وسائلها المادية والبشرية وآلياتها القانونية وانما بالمضي قدما في انجاز التنمية الشاملة وتشجيع العمل الميداني الملموس للنهوض الفعلي بأوضاع الأسرة وتحرير كل الطاقات للعمل الجماعي المتجاوب مع طموحنا إلى توطيد دعائم مغرب ديمقراطي وعصري مؤكدين تصميمنا على المضي قدما في هذا النهج الإصلاحي القويم لتحقيق المزيد من المكاسب على درب جعل المرأة والرجل شقائق في حقوق وواجبات الانسان والمواطنة المسؤولة.
" رب أوزعني ان أشكر نعمتك التي انعمت علي وعلى والدي وان أعمل صالحا ترضاه" صدق الله العظيم.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالىوبركاته".