نص الخطاب الملكي السامي بمناسبة الدورة الخامسة لبرلمان الطفل

الرباط يوم 07/01/2006

"الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه.
حضرات السيدات والسادة، أطفالنا الأعزاء،
يطيب لنا أن نخاطبكم، في دورتكم الخامسة لبرلمان الطفل، المنعقدة تحت الرئاسة الفعلية لشقيقتنا العزيزة، صاحبة السمو الملكي، الأميرة الجليلة للا مريم. هذه الدورة التي تتميز هذه السنة، بتزامنها مع تخليد بلادنا للذكرى الخمسينية لعودة جدنا المغفور له، جلالة الملك محمد الخامس، طيب الله ثراه، من المنفى إلى أرض الوطن، حاملا لشعبه الوفي بشرى "انتهاء عهد الحجر والحماية، وبزوغ فجر الحرية والاستقلال".
وإن اعتزازنا بما قطعته بلادنا من أشواط مهمة، على درب بناء دولة المغرب العصرية، خلال الخمسين سنة المنصرمة، لا يعادله إلا عملنا الدؤوب على استكمال صرح المجتمع الديمقراطي، وتأهيل الأجيال الصاعدة، لممارسة المواطنة الكريمة، بإطلاق وتفعيل الورش المستديم للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، ترسيخاً لحقوق الإنسان.
وفي هذا الصدد، ننوه بكون برلمان الطفل قد أخذ مكانته، كمرجعية لها إشعاع، معترف به دوليا، وكآلية لتوطيد سبل التواصل والحوار، وتعزيز ثقافة المواطنة والحداثة، ووسيلة لإشراككم في الاهتمام بقضايا الشأن العام، عن طريق التداول فيها بكل حرية، ومناقشتها بكل مسؤولية، مع الساهرين على تدبيرها.
لقد سرنا أن تأتي دورتكم هاته، تتويجاً لمسار دورات جهوية، عرفتها مختلف جهات المملكة، أبنتم أثناء الانكباب على ورشاتها عن نضج كبير، ووعي وطني مستنير.
وعلاوة على رصدكم لمختلف المشاغل، ذات الصلة بالشأن المحلي، فقد أغنت دوراتكم الجهوية مسلسل إعداد الخطة الوطنية للطفولة. تلكم الخطة التي دعونا لإعدادها في المؤتمر الوطني العاشر لحقوق الطفل، والتي أردنا أن تكون خطة عشرية مندمجة، مسايرة لتطلعات طفولتنا، ومنفذة لالتزاماتنا الدولية.
إن بلادنا قد حققت مكاسب هامة, في مجال النهوض بحقوق الطفل, سواء في ملاءمة تشريعاتنا الوطنية مع المواثيق الدولية، أو في الإجراءات العملية لتحسين وضعية طفولتنا.
وتعميقا لهذا التوجه، فإننا نهيب بجميع الفاعلين في هذا المجال لإعمال الخطة الوطنية للطفل. وفي ذلكم خير تجسيد للانخراط الفاعل في مبادرة التنمية البشرية.
كما أن من شأنه جعل مؤسستكم آلية ناجعة من آليات حماية الطفولة، وتحصينها من التيارات الهدامة. بل إننا نعتبرها مدرسة للتربية على المواطنة والديموقراطية، فضلا عن ترسيخ الوعي بفضائل قيم الحوار والتعايش، واكتساب ثقافة الانفتاح، ونبذ كل أشكال الإقصاء والتطرف. وذلكم في ظل مجتمع مغربي متوازن, يصون الحقوق، ويحمي الحريات، وينمي روح المسؤولية، والالتزام بالواجبات.
حضرات السيدات والسادة، أطفالنا الأعزاء، إننا نغتنم هذه المناسبة، لتجديد تنويهنا بالمجهودات المتواصلة لشقيقتنا العزيزة، صاحبة السمو الملكي، الأميرة الجليلة للا مريم. كما نؤكد دعمنا لجهودها الدؤوبة، سواء من أجل جعل الطفل المغربي عضوا مشاركا في ترسيخ ثقافة حقوق الطفل ببلادنا، أو من خلال المرصد الوطني لحقوق الطفل, كإدارة تنفيذية لبرلمانكم.
هذا المرصد الذي أردنا أن يكون مؤسسة وطنية، تلتقي في فضائها مختلف القطاعات الحكومية والخاصة، والهيئات المنتخبة، وجمعيات المجتمع المدني، وكل العاملين في مجال الطفولة.
وإننا لنشيد بجهود جميع العاملين في هذا المرصد، بقدر ما ننوه بما يجسده برلمانكم من فضائل العمل والحماس، والغيرة الوطنية الصادقة. فمن خلاله سوف تتمكنون، أعزاءنا الأطفال، من القيام بدور نشيط في مجتمعكم، والمساهمة الجماعية في المسيرة التنموية لبلادكم، التي نحرص على تأهيلكم بالتربية الصالحة، لتكونوا من الفاعلين فيها، بكل وعي ومسؤولية, وبروح مستقبلية تفاؤلية.
أعانكم الله ووفقكم، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته".