نص الخطاب الذي وجهه جلالة الملك الى الدورة الاستثنائية للجمعية العامة للامم المتحدة المخصصة للطفل

نيويورك يوم 09/05/2002

" الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه
    أصحاب الجلالة والفخامة والسمو،
    أصحاب المعالي والسعادة،
    السيد الرئيس،
    سيداتي وسادتي،
      أخاطبكم وذاكرتي ما تزال مشوبة بالأسى بفعل الأحداث الارهابية المستنكرة،التي استهدفت الولايات المتحدة الامريكية،البلد الصديق،تلكم الاحداث المأساويية التي ان كانت سببا في التأجيل الموءقت لانعقاد الدورة الاستثنائية للجمعية العامة للامم المتحدة المخصصة للطفل،في موعدها المقرر،فان التئام هذا الملتقى الهام اليوم لدراسة أوضاع الطفولة في العالم،يرمز الى انتصار الامل على اليأس،وارادة البناء والنظرة المستقبلية، على كل اشكال التفكير الظلامي، والتوجهات الانانية المتعالية.
      ان لقاءنا اليوم يستهدف ليس  فقط تقييم ما بذلته المجموعة الدولية من جهود للنهوض  بحقوق الطفل، ولكن أيضا تحديد العراقيل، والتفكير جماعيا حول سبل التغلب عليها من أجل بناء عالم جدير بالاطفال.
      بيد انه لن يتأتى رفع هذه التحديات،في نظري،الا بتضافر الجهود بين الحكومات والمنظمات والموءسسات والوكالات الدولية والقطاع الخاص والمجتمع المدني.
   السيد الرئيس،
      في اطار الحركة العالمية للنهوض بحقوق الطفل،يجدر التذكير بأن المملكة المغربية بذلت كل ما في وسعها لتحقيق الاهداف التي رسمتها القمة العالمية الاولى، وتجسيد ما تعهد به والدي المنعم،جلالة الملك الحسن الثاني،رضوان الله عليه،الذي وقع في الثالث من فبراير 1992، على الاعلان العالمي من أجل الحفاظ على حياة الطفل ورعايته وتنشئته،وأحدث،سنة 1995،المرصد الوطني لحقوق الطفل، مسندا رئاسته الى شقيقتي صاحبة السمو الملكي الاميرة للامريم، لتتابع،عن كثب،كافة القضايا المتعلقة بالنهوض بوضعية الطفل في المغرب.
     وقد حققت بلادي تقدما كبيرا، في هذا المضمار،كما ورد في التقرير الذي وجهته اليونيسيف في مطلع سنة 2001 الى مجلسها الاداري بشأن ما تم انجازه من أهداف القمة العالمية الاولى حول الطفل.
   واذا كان الطريق ما زال طويلا امامنا فان عزم المغرب وطيد على المضي قدما لبلوغ أهدافنا كاملة.
      ومساهمة منها في انجاح الاجراءات التحضيرية لهذه الدورة الاستثنائية،نظمت المملكة المغربية بتنسيق مع اليونيسيف جملة من الملتقيات الدولية، منها على وجه الخصوص  ملتقى المجتمع المدني العربي، وموءتمر القمة للسيدات الاوليات الافريقيات،والموءتمر العربي - الافريقي لوزراء المالية والملتقى الاقليمي لمناهضة الاستغلال الجنسي للاطفال.
      وقد أفضت هذه الاجتماعات الى اثبات أن أيا من تلك الاجراءات والتوصيات لن يتجسد على أرض الواقع الا بإضفاء البعد الانساني على مسلسل العولمة، وذلك تجنبا لتفاقم الاختلالات الموجودة حاليا في التوازنات الاقتصادية والاجتماعية بين الدول.
      ولن يتأتى تحقيق ذلك الا بالاستعمال الارشد للموارد المتاحة، وبتنشيط علاقات التعاون جنوب - جنوب، والنهوض بالتعاون الدولي الملتزم سيما بعد التعهدات التي اتخذها القادة في موءتمر مونتيري.
      وعليه، فاننا نأمل أن ترقى المساعدات العمومية للتنمية الى ما تطمح اليه الدول النامية، حتى تتمكن من تحقيق الأهداف التي رسمتها الامم المتحدة. وفي هذا الصدد،لاينبغي أن يغيب عن أذهاننا ما يشكله الدين الخارجي الذي يعد عائقا رئيسيا للتنمية المستديمة والسليمة.
    ومما لاشك فيه انه يتعين بذل المزيد من الجهود الخاصة لحماية حقوق الاطفال،الذين يعانون من ظروف جد قاسية. كما أنني آسف لمعاناة الاطفال الذين يعيشون في ظروف استثنائية من جراء العقوبات المفروضة والنزاعات المسلحة، كما هو الشأن بالنسبة لاطفال فلسطين والعراق، المهددة حقوقهم الاساسية في الحياة. وعليه فان الواجب يقتضي ان تتحمل المجموعة الدولية مسوءوليتها لايجاد حلول ملائمة كفيلة بوضع حد لهذه المأساة.
   وعلاوة على تجنيد الاطفال واقحامهم في النزاعات المسلحة، فان استغلالهم لاغراض تجارية، يستأثر كذلك باهتمامنا ويشغل بالنا بشكل خاص. وقد حظي كلا المشكلين، خلال السنوات الاخيرة، باهتمام خاص  من لدن لجنة حقوق الانسان.
   كما لا يفوتني أن أوءكد على حتمية اتخاذ التدابير الوقائية من أجل مواجهة فيروس السيدا
    وانه لجدير بنا نحن أصحاب القرار أن نضع سياسات وبرامج تتمحور بالاساس حول الطفل  مع اعطاء الاولويات لمعالجة هذه المشاكل التي تبعث على القلق وتستوجب من المجموعة الدولية بذل المزيد من الجهود لايجاد الحلول الناجعة لها
    السيد الرئيس
    ان المملكة المغربية تتعهد بتفعيل مقتضيات الاعلان وخطة العمل، المنبثقة عن هذه القمة الثانية، وسوف تضعهما في صدارة اهتماماتها الوطنية بقصد الحفاظ على السلم والامن لصالح هذا الجيل والاجيال المقبلة.
  شكرا لكم
     والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته".