نص الخطاب الذي ألقاه صاحب الجلالة خلال مأدبة العشاء الرسمية التي أقامها جلالته على شرف رئيس الجمهورية الايطالية

الرباط يوم 14/05/2002

 "الحمد لله، والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه.
   فخامة الرئيس،
   السيدة الأولى المحترمة،
   أصحاب المعالي والسعادة،
   حضرات السيدات والسادة،
      لقد سعدنا، فخامة الرئيس، بالاستقبال الحار الذي خصصتموه لنا، أثناء زيارتنا،منذ سنتين، لبلدكم الجميل المضياف.
      وها نحن اليوم نستقبلكم وعقيلتكم الجليلة، بكل حفاوة، مرحبين بفخامتكم كصديق كبير للمغرب، ورجل دولة نكن له عظيم التقدير، مستحضرين علاقات الصداقة العريقة والغنية التي تجمع بلدينا، المبنية على الحوار الموصول والتطابق في وجهات النظر، حول مختلف القضايا الجهوية والدولية. هذه العلاقات التي تنبع من انتمائنا المشترك للفضاء المتوسطي، وكذا من الدور التاريخي الذي نهض به بلدانا للتقريب بين العالمين الاسلامي والغربي.
      وإن المغرب، الذي جسد على الدوام، قيم الإسلام المثلى في التسامح والاعتدال، واحترام الآخر، والتشبث بالسلم، ونبذ كل أشكال العنف والارهاب، ليشيد بالموقف المتبصر لفخامتكم في رفض  كل زعم لخلط الاسلام بالارهاب، مشاطرين إياكم الالتزام بحوار الأديان والثقافات من أجل تعايش أمثل بين الأمم والشعوب.
   فخامة الرئيس،
      إن المغرب وقد قطع خطوات هامة في اقامة شراكة نموذجية مع الاتحاد الأوروبي، ليعول على إيطاليا في تحقيق نظام متقدم ومتميز لهذه الشراكة. وإننا لنعتبر العلاقات الممتازة بين بلدينا، والروابط الانسانية الجامعة بينهما والتي يجسدها تواجد جالية مغربية هامة ببلدكم الصديق، عمادا لانبثاق اطار جهوي يتسم بالتدبير الجماعي والتضامني للموءهلات الاورو متوسطية، موءكدين عزم المغرب على ترسيخ هذا الخيار الاستراتيجي من خلال اعلان أكادير الذي أصبح ركنا صلبا للاندماج المتوسطي الجنوبي.
      إن طموحنا المشترك لاعطاء دينامية متجددة لعلاقات التعاون بين بلدينا، الذي وجد صداه الايجابي من خلال الدعم المالي الذي يقدمه بلدكم لانجاز مشاريع كبرى بالمغرب وتحويل جزء من الديون الايطالية على المغرب الى استثمار، يجعلنا نطمح الى بذل مجهود أكبر في هذا الصدد، يقوم فيه الفاعلون الاقتصاديون الخواص بالاستغلال الأمثل للامكانات المتاحة. وبذلكم نجعل من علاقات بلدينا نموذجا للشراكة المتوسطية، هذا النموذج الذي ستساهم زيارتكم، فخامة الرئيس، في تحقيقه.
  إن المغرب الذي جعل من بناء اتحاد المغرب العربي على أسس  سليمة، ومن نهوضه بدور الشريك الفعال للاتحاد الأوروبي خيارا استراتيجيا، ما فتىء يعمل من أجل حل سياسي وسلمي لقضية الصحراء المغربية، في نطاق ديمقراطي يحفظ سيادة المملكة ووحدتها الترابية، مدعما في هذا الصدد الاتفاق « الاطار المقترح من طرف المنتظم الدولي، آملا أن يعطي المجتمع الدولي دفعة قوية لدعم مساعي الممثل الشخصي للأمين العام الأممي، خدمة للسلم والاستقرار والتنمية والاندماج المغاربي.
  فخامة الرئيس،
      إن زيارة الدولة التي تقومون بها للمغرب تأتي في سياق ما يبذله بلدانا من جهود قوية لتجاوز الوضع المأساوي في الشرق الأوسط، ولما يمثله من تهديد للأمن والاستقرار في الفضاء المتوسطي والعالمي.
      وأود أن أنوه، بصفتي رئيسا للجنة القدس، بموقفكم المنصف وموقف سائر الموءسسات الايطالية، تجاه العدوان الاسرائيلي على الشعب الفلسطيني وقيادته الشرعية الصامدة. كما أجدد دعم المغرب لمشروع الموءتمر الدولي للسلام، وعزمه على مواصلة العمل، بمعية أشقائنا العرب والمسلمين وشركائنا الدوليين من أجل إقرار سلام دائم وعادل في منطقة الشرق الأوسط يضمن للشعب الفلسطيني حقه المشروع في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وفق قرارات الشرعية الدولية، ومخطط السلام العربي المعتمد في قمة بيروت، وكل الالتزامات المبرمة بين الأطراف التي تكفل لجميع شعوب المنطقة العيش في سلام ووئام.
      وختاما، أدعوكم، حضرات السيدات والسادة، إلى الوقوف إكبارا لفخامة رئيس الجمهورية الايطالية ولعقيلته الجليلة، متمنيا للصداقة الايطالية المغربية المزيد من التقدم والرسوخ والازدهار.
     والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته ".