"الحمد لله وحده والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه
فخامة الرئيس،
السيدة الفاضلة عقيلته،
أصحاب المعالي والسعادة،
حضرات السيدات والسادة،
يسعدني كل السعادة أن أستقبل في شخصكم الكريم، يا صاحب الفخامة رئيس جمهورية مدغشقر الشقيقة، هذا البلد الكبير الذي يكن له سائر المغاربة أصدق مشاعر المودة والتقدير. كما يطيب لي أن أجدد الترحيب بكم في المغرب، وبالوفد المرافق لكم .
إن استقبالكم في المغرب اليوم ليعد من المناسبات النادرة، التي تمتزج فيها المشاعر القوية والمؤثرة بالمودة المفعمة، النابعة من استحضارنا لذكريات حية ومشاعر صادقة.
فقد ارتبط اسم مدغشق، في ذاكرة الشعب المغربي، على الدوام بالملحمة البطولية، لكفاحه من أجل الحرية. فمشاعر التضامن، التي عبر عنها الشعب الملغاشي الشقيق، تجاه جدي المنعم جلالة المغفور له الملك محمد الخامس، طيب الله ثراه، وأسرته الملكية التي كانت مرافقة له، وكذا التقدير الذي أحيطوا به خلال فترة المنفى في انتسيرابي، كل ذلك جدير بأن يظل موشوما في ذاكرتنا. وقد تابع المغاربة بتأثر عميق الزيارة التي قام بها جدي المنعم سنة 1957 إلى بلدكم، حرصا منه على التعبير للشعب الملغاشي الشقيق، عن عميق امتنانه، لما حظي به جلالته والأسرة الملكية، من عناية خاصة خلال الشهور السبعة والعشرين التي قضوها في أنتسيرابي.
ومنذ هذا التاريخ، الذي يمثل بالنسبة للمغرب صفحة ذهبية، لما ينطوي عليه من دلالة عميقة، وتحول حاسم، في رسم مستقبل بلادنا، أضحت جمهورية مدغشقر تحتل مكانة متميزة في قلوب المغاربة.
فمن دواعي الامتنان إذن، أن تتم زيارتكم للمغرب وهو يتأهب لتخليد الذكرى الخمسين لعودة المغفور له جلالة الملك محمد الخامس وأسرته الكريمة من المنفى في بلدكم.
فخامة الرئيس،
إن هذا التلاحم بين بلدينا، الذي يشكل حلقة مجيدة من تاريخنا المشترك،هوالذي يعطي للعلاقات المغربية الملغاشية دلالتها المتميزة .
ذلكم أن التذكير بهذا الحدث الهام يجعلنا نستحضر، بكل اعتزاز وإجلال، الدور الرائد الذي قام به جدي المنعم، جلالة المغفور له الملك محمد الخامس، بكل تحد وإصرار، للدفاع عن حرية المغرب وكرامته واستقلاله وحرية أفريقيا بكاملها.
كما يطيب لي، في هذا الصدد أن أستحضر معكم مشاعر الود التي ظل والدي المنعم، جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني رحمه الله، يخص بها على الدوام بلدكم الشقيق، وكذا حرصه الدائم على تطوير العلاقات المغربية الملغاشية. بيد أنه، وبكل أسف، خبت جذوة هذا التعاطف بين بلدينا، تحت تأثير الوضع الدولي، الذي كان قائما آنذاك، وبفعل هيمنة الأيديولوجيات . فلم يملك المغرب خلال سنوات طوال إلا أن يقف موقف الأسف والاستغراب، أمام ما حصل من تباعد بادرت إليه السلطات الملغاشية يومئذ.
ولهذا فقد تأثرنا بالغ التأثر بمبادرتكم تدشين ساحة محمد الخامس في أنتسرابي في يناير 2003 ، خلال زيارة صاحبة السمو الملكي الأميرة للا أمينة، معتبرين ذلك التفاتة جديرة بالإشادة، لما تجسده من وشائج الصداقة والأخوة والتقدير.
إن هذا الماضي المشترك من تاريخنا يحتم علينا أن نبدأ عهدا جديدا في العلاقات بين البلدين، فنقيم تعاونا قويا ومتنوعا مبنيا على أسس سليمة وثابتة من التضامن والصداقة والاحترام المتبادل.
وهذا ما يحفزنا للعمل سويا معكم، فخامة الرئيس من أجل رفع الحواجز والصعوبات التي عكرت صفو الماضي، في إطار من التشاور الموصول، من أجل تطوير علاقات ثنائية،من شأنها الإسهام بقوة في دعم الجهود التنموية لكلا البلدين .
فخامة الرئيس،
إننا نتابع باهتمام كبير وتعاطف أخوي مسيرة التقدم والتنمية التي حققتها جمهورية مدغشقر، في ظل قيادتكم الحكيمة، والتي منحت بلدكم الشقيق المزيد من الإشعاع الإقليمي والدولي .
كما يطيب لي، في هذا السياق، أن أجدد لكم التأكيد لاستعداد المغرب الكامل، لتقديم مساهمته في تنمية بلدكم، وتوفير الدعم القوي لكل مبادرة تسير في اتجاه تعزيز علاقات الصداقة والتعاون، لإعطائها طابعا نموذجيا.
وعلى نفس النهج يجدر ببلدينا التشبث في عزم وثبات، بمسلسل تفعيل التعاون الإفريقي، ليكون نموذجا للتعاون جنوب -جنوب . وهو ما يقتضي منا تسخير كل جهودنا، لتحقيق التنمية المستدامة والإندماج الأكبر لاقتصاديات القارة،ولاسيما في الإطارالطموح للنيباد، الذي يستوجب حشد كل الفعاليات الصادقة لإنجاحه، في إطار مجموعات إقليمية خاصة .
وفي هذا الصدد، فإن المغرب الذي جعل على الدوام من بناء اتحاد المغرب العربي خيارا استراتيجيا للإندماج الإقليمي، لعازم على المساهمة الفعالة من أجل رفع المعيقات التي تحول دون البناء المغاربي. وسيواصل عمله بصدق مع الأمم المتحدة ومع جميع الأطراف المعنية من أجل التوصل إلى حل سياسي توافقي ومتفاوض بشأنه، ونهائي لقضية الصحراء، في إطار احترام سيادة المغرب، ووحدته الترابية. وهو الحل الذي سيمكن من وضع حد للنزاع المفتعل حول الأقاليم الجنوبية للمغرب.
وإن عمل بلادي المندرج في إطار الشرعية الدولية ليقوم على أساس تفضيل وتشجيع سبيل الحوار والتفاوض، في تسوية كل النزاعات التي تهدد السلم والأمن الدوليين، ولاسيما في إفريقيا حيث يمكن لبلدينا توحيد جهودهما في هذا الإطار.
فخامة الرئيس،
إنني لعلى يقين بأن زياتكم للمغرب ستكون لها نتائج مفيدة ومثمرة، تمكننا من تعميق علاقات الأخوة الإفريقية الجامعة بيننا، ومنح دينامية جديدة لتعاوننا الثنائي، بعد سنوات من الجمود وسوء التفاهم.
وإذ نجدد الترحيب بضيوفنا الكرام، أدعوكم أصحاب المعالي والسعادة، حضرات السيدات والسادة للوقوف تكريما لفخامة السيد الرئيس مارك رافالو مانانا ولعقيلته المحترمة، من أجل الصداقة التي تجمع بين المغرب ومدغشقر وتوطيد علاقاتهما الثنائية.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته ".