تميز تخليدنا اليوم، للذكرى الثامنة والخمسين لثورة الملك والشعب، بمصادقتك على دستور متقدم، يفتح آفاقا ديمقراطية واعدة، باستكمال بناء دولة عصرية للقانون والمؤسسات. كما يرسي دعائم جهوية موسعة; وذلك ضمن تحول تاريخي، يتوخى تحديث وعقلنة هياكل الدولة، باعتماد إصلاحات جوهرية، قائمة على الحكامة الترابية الجيدة، وهادفة للنهوض بالتنمية المندمجة، وترسيخ العدالة الاجتماعية، وضمان مقومات المواطنة الكريمة، لكافة المغاربة.
عمادنا في ذلك، الدينامية الخلاقة لشبابنا، الذي نحتفي اليوم بعيده السعيد، والمؤهل لمواصلة حمل مشعل ملحمة عشرين غشت الخالدة، ضمن مسار مغربي، متميز بانخراطه في رفع تحدياته ; وذلك في تجاوب عميق بينك، شعبي الوفي، وبين خديمك الأول ; مجسدين الروح الدائمة لثورة الملك والشعب.
وهنا، نعتبر أنه بفضل ما توفره الديمقراطية الترابية، من صلاحيات واسعة لمجالسها ; فإن العمل السياسي، ثقافة وممارسة، مقبل على تحول جوهري، يجعله لا ينحصر في المفهوم المحدود للمناصب الحكومية والمقاعد البرلمانية.
أجل، إنه سينفتح على آفاق رحبة، من آلا ف الانتدابات الانتخابية، في المجالس الجهوية والإقليمية والمحلية، التي تشكل مؤسسات أساسية، لتأهيل النخب الجديرة بتدبير الشأن العام.
.....
شعبي العزيز،
إن تحديث ودمقرطة هياكل الدولة، بقدر ما يتجسد في توزيع الدستور الجديد للسلطات المركزية ; وفق مبدإ فصل السلط ; فإنه يتجلى، بصفة أقوى، في إرساء الجهوية المتقدمة، القائمة على إعادة توزيع سلط وإمكانات المركز على الجهات. وذلك على أساس الديمقراطية الترابية والحكامة الجيدة ; بما يكفل تحقيق تنمية جهوية، متضامنة ومتوازنة ومندمجة، تضع حدا للمقولة الاستعمارية للمغرب النافع وغير النافع، وللفوارق المجالية.
ولإرساء دعائم الورش الهيكلي الكبير للجهوية المتقدمة، التي نعتبرها ثورة جديدة للملك والشعب; فإنه ينبغي إعطاء الأسبقية لإعداد القانون التنظيمي الخاص بها ; اعتبارا لارتباطه بانتخاب المجالس الجهوية، وغيرها من الاستحقاقات والتدابير اللازمة لإقامة الغرفة الثانية.
وعلاوة على ذلك، ينبغي التعجيل بتفعيل صندوق التأهيل الاجتماعي، وصندوق التضامن بين الجهات، تعزيزا لبرامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، الهادفة لمحاربة الفقر والتهميش والإقصاء الاجتماعي، بمشاريع وأنشطة مدرة للدخل، وموفرة لفرص الشغل، ولاسيما للشباب.
فشباب المغرب، الواعي والمسؤول، يوجد اليوم في صلب مشروع التحديث الدستوري، والسياسي، بما خوله الدستور من حقوق وواجبات وهيئات المواطنة الفاعلة، لتعزيز انخراطه في مختلف الإصلاحات الديمقراطية والأوراش التنموية.
ولن تكتمل للالتزام السياسي، مقاصده النبيلة، إلا حين تعطي الطبقة السياسية للانتداب الانتخابي ، المحلي أو الجهوي ، أهمية أكبر من الحرص على احتلال المناصب المركزية، وذلك بالنظر لما يتيحه من قرب من انشغالات المواطن المشروعة، ولحاجياته الأساسية.