خطاب صاحب الجلالة خلال مأدبة العشاء التي أقامها الرئيس كلينتون على شرف جلالته

واشنطن يوم 20/06/2000

'' الحمد لله وحده والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه
فخامة الرئيس..
حضرة السيدة الأولى..
أصحاب السعادة حضرات السيدات والسادة..
إن حرارة الإستقبال الذي خصصتموه لي بمناسبة أول زيارة دولة أقوم بها لبلدكم العظيم والحفاوة التي أحطتموني بها والوفد المرافق لي كان لهما ابلغ الأثر في نفسي. كما تأثرث بالغ التأثر - فخامة الرئيس - بالكلمات الطيبة التي نطقتم بها في حقي والتي تشرف بلدي.
إن هذا اللقاء لمناسبة سعيدة بالنسبة لي للتأكيد على أن علاقتنا الخالدة التي طبعها التضامن لا يجب ،ن تبقى حبيسة الحنين إلى الماضي وعلى أن علاقتنا الثنائية تعرف مزيدا من النمو بيد أنه أضحى من المتعين من الآن فصاعدا التطلع بعيدا نحو آفاق أرحب بهدف توجيه تعاوننا نحو شراكة استراتيجية من المستوى الرفيع تتمحور حول أربعة أهداف كبرى مترابطة في ما بينها ألا وهي ضمان الأمن وتعزيز الديمقراطية وتحقيق الرخاء وإقامة السلام.
وها هي المملكة المغربية المعتزة بهويتها الثقافية التي هي نتاج تاريخ عريق والتي تتمتع باستقرار سياسي فريد من نوعه وتقاليد راسخة في التحلي بروح الاعتدال والانفتاح تثبت الآن وبكيفية نموذجية أنه بوسعها أن تكون دولة قانون وديمقراطية تعددية منفتحة على التناوب وذات اقتصاد ليبرالي وتنافسي يعتمد على روح المبادرة الخاصة وعلى الاستثمارات الخارجية المباشرة وأن تكون في الآن نفسه أرض تسامح يتعايش فيها المواطنون في ظل الكرامة والوئام بين مختلف الأعراق والديانات.
فخامة الرئيس..
لقد ساهمت المملكة المغربية -الحريصة على احترام الشرعية الدولية والمنشغلة بتحمل مسؤولياتها السياسية في عهد والدي جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني وحسب إمكاناتها وقدرتها على التأثير على نصرة السلم والأمن في العديد من ميادين الصراع وفي مناطق مختلفة من العالم.
وتحتل منطقة الشرق الأوسط في هذا الباب موقعا استراتيجيا من الحساسية بمكان تتهدده مخاطر أمنية جمة يزيدها تفاقما التعصب الديني وأعمال العنف المتطرفة المتوقعة جراء استرجاع الأراضي المحتلة وعودة اللاجئين وحماية الأماكن المقدسة تنضاف إليها مخاطر أخرى تتعلق بالتزود بالماء وانتشار أسلحة الدمار الشامل.
فخامة الرئيس..
إنني لأول من يقدر إنخراطكم شخصيا في تهدئة الأوضاع بهذه المنطقة التي تعكر صفوها أهواء كثيرة وحيث لم يكن من الممكن لمسلسل السلام أن ينطلق ويتواصل لولا تدخل الولايات المتحدة المطبوع بالصبر والإصرار خاصة تحت قيادتكم المتبصرة.
وإذا كانت لدينا اليوم جميع الأسباب التي تجعلنا نعرب عن ارتياحنا لانسحاب إسرائيل مؤخرا من جنوب لبنان فان المملكة المغربية لتدعو بكل قوة الى استئناف المفاوضات مع سوريا في أفق استعادتها لمرتفعات الجولان والتنفيذ النزيه للالتزامات المتعلقة بالحقوق الوطنية والترابية للشعب الفلسطيني التي تشكل جوهر الصراع العربي الإسرائيلي. ويتحتم على إسرائيل - التي ليس لها أي مبرر للتخوف على أمنها الوطني - أن تقبل في هذا الصدد وبضمانة من شركائها بحق جميع شعوب المنطقة في العيش والتعايش في سلام وكرامة على أرض أجدادها المشتركين.
وأشدد بصفتي رئيسا للجنة القدس - وهي المسؤولية التي أتحملها باسم منظمة المؤتمر الإسلامي- بصفة خاصة على وضع هذه المدينة المقدسة لدى الديانات السماوية الثلاث حيث يمكن للمؤمنين جميعهم أداء صلواتهم والتقرب الى الله الواحد الأحد. وأن فؤادي ليهفو الى تحقيق هذا المثل الأعلى القائم على الحب وثقافة الوئام في هذه المنطقة العزيزة على قلوبنا حيث يتعين علينا جميعا أن نواصل دون هوادة عملنا كمؤسسين وبناة للسلام.
فخامة الرئيس..
واننا إذ نجدد تضامنا مع إفريقيا مهد البشرية ونؤكد أن المستقبل كفيل بمحو الامها الراهنة فاننا نتابع باهتمام المبادرات الأمريكية الرامية الى المساهمة في تصحيح أوضاع هذه القارة المنكوبة وتنميتها كما يحدونا أمل قوي في تفعيل اتحاد المغرب العربي الذي يمثل بالنسبة لنا خيارا استراتيجيا لا رجعة فيه من شأنه ضمان الأمن والازدهار الاقليميين في إطار احترام الوحدة الترابية لكل بلد من بلدانه.
فخامة الرئيس..
انني لعلى استعداد لضم جهودي وقدراتي الى جهودكم في كل مايتعلق بهذه القضايا وذلك من أجل تحقيق تلك الأهداف النبيلة المتمثلة في الحرية والعدالة والازدهار لجميع الشعوب.
حضرات السيدات والسادة..
أدعوكم الى الوقوف احتراما وتقديرا لرئيس الولايات المتحدة الأمريكية والسيدة كلينتون متمنين للحكومة الأمريكية التوفيق في الدفاع عن قيم العدالة والشرعية الدولية وللشعب الأمريكي السعادة والازدهار'' .