خطاب صاحب الجلالة الملك محمد السادس الموجه للقمة الخامسة لتجمع دول الساحل والصحراء المنعقد بالنيجر

نيامي يوم 14/03/2003

" الحمد لله والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وءاله وصحبه..
فخامة السيد مامادو تاندجا رئيس جمهورية النيجر الشقيقة رئيس القمة الخامسة لتجمع دول الساحل والصحراء،
أصحاب الفخامة والمعالي والسعادة،
السيد الأمين العام لتجمع دول الساحل والصحراء،
حضرات السيدات والسادة..
يطيب لي في البداية أن أتوجه اليكم إخواني قادة دول تجمع الساحل والصحراء بخالص التحيات وصادق مشاعر المودة والتقدير والاعتزاز العميق بما يجمع المملكة المغربية ببلدانكم الشقيقة من حرص مشترك على توطيد دعائم هذا التجمع الذي يعد بفضل مكوناته المتكاملة وفضائه الجيو- سياسي الاستراتيجي وأهدافه الواقعية المنفتحة على المستقبل قطبا للاندماج الجهوي الافريقي في إطار من التضامن الفاعل والشراكة النموذجية.
ولا يخامرني شك في أن هذه الدورة الخامسة لموءتمرنا ستعطي دفعة قوية لتجمعنا العتيد لتحقيق هذه الأهداف منوها بالجهود السخية التي ما فتىء يبذلها أخونا المبجل فخامة العقيد معمر القذافي قائد ثورة الفاتح لإرساء دعائم هذا التجمع الكبير منذ مبادرته الرائدة بالدعوة إلى تأسيسه ورئاسته الموفقة للدورة السابقة التي أعطت لتجمعنا حضورا وازنا عل المستوى الإفريقي والدولي.
كما أود أن أتوجه بخالص التحية والتقدير لأخي العزيز رئيس جمهورية النيجر الشقيقة مهنئا إياه على رئاسته لهذا الموءتمر شاكرا لفخامته كريم استضافته له موقنا بأنه سيسير بتجمعنا وبخطى واثقة إلى تحقيق المزيد من التضامن والتعاون بفضل ما عهدناه فيه من حنكة واعتدال وبعد نظر وما أبان عنه من خصال في قيادته الحكيمة لشعبه الشقيق على درب التقدم والاستقرار.
وأغتنم هذه المناسبة لأشيد بما يجمع المملكة المغربية وجمهورية النيجر من أواصر تاريخية أخوية عريقة تعززها اليوم علاقات تعاون مثمر وتضامن فعال في العديد من المجالات مما يجعلها تشكل رمزا قويا للروابط المثالية بين بلدان الساحل والصحراء.
فخامة الرئيس..
إن موءتمرنا الذي يجسد أكبر تجمع جهوي إفريقي ليطوقنا بمسوءوليات جسيمة لجعل منتظمنا قاطرة قوية لتحقيق الآمال التي تعقدها شعوبنا الشقيقة عليه لرفع شتى التحديات التي تواجهها.
وهذا ما يحتم علينا تعميق منهجية الحوار وتبادل الآراء والخبرات وتقديم المقترحات والمشاريع الملموسة القابلة للإنجاز بالاعتماد على إمكاناتنا الذاتية البشرية منها والمادية، وتسخيرها للتنمية المستدامة. ولن يتأتى لنا ذلك إلا بالتدبير العقلاني المحكم والاستثمار الأمثل لما تزخر به بلداننا من موارد هامة وفق خصوصياتها المحلية وبما يكفل المشاركة الشعبية الواسعة لتحرير طاقاتها الهائلة في جو من الاستقرار والسلم والتنمية إذ لا سلم بدون استقرار ولا تنمية بدون سلام.
ومن هذا المنطلق فإن المغرب يجدد التأكيد على التزامه الراسخ للاسهام بكل ما أوتي من خبرة وإمكانات للمضي قدما في تعزيز هذا التوجه بما يجعل من تجمعنا تجربة رائدة في مجال الاندماج الإفريقي والتعاون جنوب- جنوب تحقيقا لما تتطلع إليه أجيالنا الحاضرة والمقبلة من تقدم وتنمية واستقرار لا سيما في عصر العولمة والتكتلات القوية التي لا مكان فيها للكيانات الصورية.
وفي هذا السياق فإن المغرب المتشبث بفضائل السلم وحسن الجوار الحريص على إزالة كل أسباب التوتر والنزاع في منطقتنا ليوءكد استعداده الدائم للحوار والتفاوض من أجل إيجاد حل سياسي للنزاع المفتعل حول استرجاعه لأقاليمه الجنوبية، في إطار الشرعية الدولية والحفاظ على السيادة الوطنية والوحدة الترابية للمملكة وبما يكفل تحقيق اتحاد مغاربي يشكل ركيزة قوية للفضاء المتكامل لتجمع دول الساحل والصحراء.
فخامة الرئيس..
أصحاب الفخامة والمعالي والسعادة..
إن الظرفية العالمية العصيبة التي يلتئم فيها موءتمرنا والمنذرة بالمخاطر وبالتحولات المتسارعة لا سيما بمنطقة الخليج العربي والشرق الأوسط تتطلب منا المزيد من التماسك والتآزر لتقوية هذا البيت الذي أقمناه جميعا، سالكين في ذلك سبيل التآخي والتضامن، والتحلي بالحكمة والاعتدال، لتجنب التداعيات السلبية لهذه الظرفية الدقيقة على بلداننا الشقيقة.
فخامة الرئيس ..
أصحاب الفخامة والمعالي والسعادة..
حضرات السيدات والسادة..
إنني واثق بأن هذه القمة المباركة ستعطي شحنة قوية من الأمل لشعوبنا الشقيقة ولقارتنا الإفريقية جمعاء من أجل غد أفضل، موقنا بأن أعمال هذا الموءتمر ستحقق نتائج إيجابية وتمضي بتجمعنا وبكافة شعوبه قدما إلى المزيد من التعاون والوئام، بفضل عزمنا المشترك على أن نجعل من منطقتنا مثالا يحتذى للتنمية في ظل الاستقرار والأمن والسلام.
وبذلكم تستعيد منطقة الساحل والصحراء دورها التاريخي باعتبارها فضاء للتفاعل الحضاري وجسرا متينا للتبادل الاقتصادي والثقافي، وما ذلكم على همتنا جميعا بعزيز.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته".