خطاب جلالة الملك بمناسبة انطلاق أشغال المركب المينائي طنجة المتوسط

طنجة يوم 17/02/2003

" الحمد لله والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وءاله وصحبه
شعبي العزيز
ها نحن نقدم اليوم بعون الله وتوفيقه على إعطاء الإنطلاقة لمشروع من أضخم المشاريع الإقتصادية في تاريخ بلادنا. إنه الميناء الجديد لطنجة- المتوسط الذي نعتبره حجر الزاوية لمركب ضخم مينائي ولوجيستي صناعي وتجاري وسياحي.
فالمغرب بهذا المشروع يعمق جذور انتمائه للفضاء الأورومتوسطي ولمحيطه المغاربي والعربي ويعزز هويته المتميزة كقطب للتبادل بين أوروبا وإفريقيا وبين البحر المتوسط والمحيط الأطلسي ويدعم دوره المحوري كفاعل وشريك في المبادلات الدولية موطدا اندماجه في الاقتصاد العالمي.
وقد أردنا بقرارنا تشييد هذا المشروع الكبير على الضفة الجنوبية لمضيق جبل طارق تأكيد التزامنا الثابت بمد جسور قوية واعدة بعلاقات متميزة مع جيراننا وأصدقائنا. كما نريد من خلال هذا الإنجاز أن نوفر لجهة الشمال قاعدة اقتصادية متينة ذات مستوى دولي ومناطق اقتصادية حرة تمكنها من تطوير موءهلاتها الغنية لجعلها نموذجا للتنمية الجهوية المندمجة التي تعود ثمارها بالخير على كل أرجاء الوطن.
وإننا لنحمد الله تعالى في هذا المقام على أن ألهمنا إيجاد صندوق الحسن الثاني ليكون رافعة أساسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية وأداة فعالة للاستثمار الأمثل لعائدات الخوصصة برصدها لتمويل المشاريع الكبرى المنتجة.
فالمشروع الوطني الكبير الذي ندشنه في هذا اليوم المشهود ما كان له أن يرى النور لولا التمويل الهام لصندوق الحسن الثاني الذي يتحمل أربعين بالمائة من تكلفة إنجاز هذا الميناء التي تناهز خمسة ملايير درهم. وهو بذلك خير مثال لما نحرص عليه من أداء هذا الصندوق لرسالته كقاطرة قوية للتقدم والتنمية المستدامة.
وفضلا عن التجهيزات التحتية المبرمجة من مرافىء وطرق سيارة وسكك حديدية فإن هذا المركب سيتيح إمكانات واسعة للإستثمار الأجنبي والوطني بفعل النظام المتميز الذي حرصنا على أن تتمتع به المنطقة الخاصة لطنجة- المتوسط. وستوفر مختلف هذه الإستثمارات التي تناهز عشرين مليار درهم عند استكمالها عشرات الآلاف من مناصب الشغل الهامة لشبابنا.
ويسرنا بهذه المناسبة أن نعرب عن عميق امتناننا وشكرنا لكل من وقفوا بجانبنا مساهمين في إقامة هذا المشروع الوطني الكبير. ونود أن نخص بالإشادة أخانا الأعز الأكرم صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان ءال نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة. كما لايفوتنا التنويه بأخينا المبجل صاحب السمو الشيخ جابر الأحمد الصباح أمير دولة الكويت الشقيقة وبكل الموءسسات والشخصيات المرموقة التي ساندت إنجاز هذا المركب الضخم.
وإذ نرحب بالسيد جيمس وولفنسن رئيس البنك العالمي الذي يشاركنا بحضوره المشكور انطلاقة هذا المشروع باعتبار موءسسته شريكا فعالا ودائما لبلادنا على درب مسيرتها التنموية فإننا نسأل الله تعالى أن يوفقنا لترسيخ تطورنا الديمقراطي بتقدم اقتصادي يوفر لشعبنا الوفي أسباب العيش الكريم ولمغربنا الموحد مقومات العزة والرخاء بإنجاز مثل هذا المشروع باستثماراته الهائلة ورهاناته الإستراتيجية في مختلف جهات المملكة.
" باسم الله مجراها ومرساها ". صدق الله العظيم.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته".