جلالة الملك يوجه رسالة سامية الى للمشاركين في ندوة "الاستثمار كعمل ترابي"

الصخيرات يوم 01/12/2004

"الحمد لله، والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه.
أصحاب السعادة،
حضرات السيدات والسادة،
يسعدنا أن نتوجه إليكم في افتتاح أشغال ندوتكم بهذه الرسالة، منوهين باختياركم موضوع "الاستثمار كعمل ترابي" ، محورا لها. ذلكم أن البعد الجهوي يكتسي أهمية أساسية ، حيث ارتقى دستور المملكة بالجهة إلى مستوى جماعة محلية. كما تم تخويلها إطارا قانونيا، تعزيزا لأسس الديمقراطية المحلية، ولجعل الجهة رافعة حقيقية للتنمية.
وقد عملنا على تدعيم هذا التوجه ، بنهجنا لسياسة التدبير اللامتمركز للاستثمار، التي أرسينا أسسها سنة 2002 . وكان من بين نتائجها إحداث المراكز الجهوية للاستثمار .
ويندرج إنعاش الاستثمار في إطار سياستنا الرامية إلى بناء اقتصاد عصري ، تنافسي وتضامني، كفيل برفع تحديات العولمة والتبادل الحر. بل إننا قد بوأنا هذه السياسة مكانة استراتيجية ضمن الأولويات ، التي رسمناها للسنوات الخمس القادمة.
ذلك أن الاستثمار، المنتج للثروات والمحدث لمناصب الشغل، من شأنه أن يوفر الحياة الكريمة لشعبنا، ولا سيما الشباب منه. ولبلوغ هذا الهدف يتعين مراعاة الخصوصيات المحلية، من حيث رصيدها البشري، ومواردها الطبيعية، وإرثها الثقافي، وذلك في إطار سياسة القرب التي ننهجها، والتي تتوخى الاستجابة للحاجيات المحلية للمواطنين.
إن هدفنا هو جعل جميع جهات المملكة، قادرة على استثمار الإمكانات، التي تزخر بها بشكل أفضل، وضمان اندماجها الكامل في النسيج الاقتصادي الوطني، ضمن سيرورة تنمية شاملة، ومتوازنة، تقوم على تقليص الفوارق الاجتماعية، والاختلالات المجالية، والنهوض بالعالم القروي.
ومن أجل ذلك، انخرطت بلادنا في استراتيجية لإعداد التراب الوطني، مبنية على الإنصاف الاجتماعي، والفعالية الاقتصادية ، والحفاظ على الموارد، بشكل يضمن تكافؤ الفرص بين مختلف جهات المملكة .
إن التنمية الشاملة المستديمة والمتوازنة، تستوجب أيضا وضع قواعد للحكم القويم، على المستوى الجهوي، مرتكزة على الشفافية والمسؤولية، وتخليق الحياة العامة.
وهذا ما يتطلب تأهيلا أفضل للموارد البشرية، وإذكاء ثقافة التوقع ، وتنظيم العلاقات بين الدولة والجهات، في إطار تعاقدي، فضلا عن وضع نظام إعلامي على المستوى الوطني، لفائدة المستثمرين والفاعلين المحليين للتنمية.
وعلاوة على ذلك فإن التعبئة الناجعة للموارد المالية للجماعات المحلية، من شأنها أن تساهم في الدفع بالتنمية المحلية والإقليمية والجهوية. ولبلوغ هذه الغاية سيتم إدخال إصلاحات تحديث النظام الضريبي المحلي، وضمان توزيع منصف للمداخيل الضريبية، بين الجماعات المحلية.
إن هذه الإجراءات والإصلاحات المتعلقة بالتنمية الجهوية، تقوم على اعتبارات استراتيجية، تتوخى تحقيق المصلحة العامة، والاستجابة لحاجيات المواطنين. كما أن من شأنها الإسهام، من خلال نهج الشراكة والتبادل الحر، في تعزيز قدرة بلادنا على استقطاب الاستثمارات.
وإذ نرحب بالمشاركين في هذه الندوة، مجددين الإشادة بموضوعها، ندعو لكم، حضرات السيدات والسادة، بالتوفيق والنجاح في أشغالكم.

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته".