جلالة الملك يوجه رسالة سامية إلى اللجنة الوطنية المكلفة بالتحضير للدورة الاستثنائية للجمعية العامة للأمم المتحدة لمتابعة مؤتمر القمة العالمي من أجل الطفل

الرباط يوم 05/01/2001

"الحمد لله وحده والصلاة والسلام على مولانا رسول الله واله وصحبه.
حضرات السيدات والسادة
يطيب لنا أن نفتتح الاجتماعات التمهيدية للجنة الوطنية التي كلفناها بتحضير مساهمة المغرب في الدورة الاستثنائية للأمم المتحدة حول الطفولة معتبرين إسنادنا رئاستها الفعلية لشقيقنا العزيز صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد بمثابة دعم قوي لها وتجسيدا لارادتنا الحازمة في النهوض بالطفولة المغربية وإبرازا للعناية البالغة التي نوليها لانكباب النخبة الخيرة المكونة لها على الإعداد الجيد للمشاركة الفاعلة للمغرب في القمة العالمية للطفل.
إن اجتماعكم هذا ليشكل لحظة حضارية نوعية تأتلف فيها كافة الطاقات الوطنية الفاعلة في مجال الطفولة من أجل دراسة حصيلة الجهود التي تبذلها بلادنا في مجال النهوض بقضايا الطفولة في شتى مظاهرها ورفع التحديات التي تطرحها هذه المهمة النبيلة وفاء لروح والدنا المنعم جلالة الملك الحسن الثاني قدس الله روحه الذي أعطى دفعة قوية لانخراط المملكة في المسعى الإنساني المتعلق بحماية الأطفال وضمان مستقبلهم وصيانة كرامتهم حيث وقع بنفسه على الإعلان العالمي لحقوق الطفل في ثالث فبراير 1992 ووضع آلية وطنية لمتابعة تنفيذه بمبادرته بإحداث المرصد الوطني لحقوق الطفل الذي أسند رئاسته الفعلية لشقيقتنا الغالية صاحبة السمو الملكي الأميرة لالة مريم مما مكن بلادنا من قطع خطوات هامة على درب تفعيل تلك الحقوق وتكريم الطفولة في انسجام تام بين تعاليم ديانتنا السمحة والتزاماتنا الدولية.
ولم نفتأ منذ اعتلينا عرش المملكة نبذل الجهد الحثيث لمواصلة هذه المسيرة الاجتماعية وفق استراتيجية جديدة انطلاقا من اقتناعنا بأن الطفولة المغربية تندرج في صلب الاستثمار الحقيقي لمواردنا البشرية وتأهيلها لخوض رهانات المستقبل من خلال تسريع برنامج الرفع من عدد الأطفال المتمدرسين والتقليص الملموس من نسبة وفياتهم بتطير برنامج صحة الأم والطفل والحث على تظافر مجهودات الحكومة والمجتمع المدني في هذا المجال معززين سياستنا هاته باليات ومؤسسات كفيلة بضمان الاستمرارية والفعالية على النهج القويم الذي رسمناه. فأنشأنا الوزارة المنتدبة لأوضاع المرأة وحماية الطفولة والأسرة وإدماج المعاقين ودعمنا المرصد الوطني لحقوق الطفل كفضاء تلتقي فيه الجمعيات ومختلف القطاعات الحكومية والخبراء لمتابعة تفعيل اتفاقات الأمم المتحدة في هذا الشأن. وجعلنا من برلمان الطفل مؤسسة قارة أردناها أن تكون مدرسة للتربية على الديموقراطية وأنطنا رئاستها بشقيقتنا صاحبة السمو الملكي الأميرة الجليلة لالة مريم التي نأبى إلا أن ننوه هنا بما تبذله من جهود جعلت من المؤسسات التي تشرف عليها ذات دور طليعي في حماية طفولتنا والدفاع عن حقوقها والإصغاء لمطالبها مشيدين أيضا بجميع الفعاليات التي ساهمت بإخلاص في إنجاح هذه المسيرة الاجتماعية.
حضرات السيدات والسادة
على الرغم من أهمية المكاسب التي حققتها بلادنا في مجال النهوض بوضعية الطفولة فان ما نصبوا إليه من جعل العشرية القادمة مرحلة فاصلة تنتقل فيها الفئات المستضعفة من طفولتنا إلى وضعية تنعم فيها بما نريده لها من تكريم وتمتع بكامل حقوقها كل ذلك رهين بوضع استراتيجية وطنية تساهم في بلورتها كل القوى الحية للأمة.
لذلكم نهيب بلجنتكم الوطنية أن تحدد أهدافها وأولوياتها وأن تعبئ الإمكانات المتاحة لتفعيلها جاعلة في صلب اهتماماتها العناية بالأسرة كنوات أساسية وطبيعية لنمو الطفل وتقوية دور المدرسة والعناية بتمدرس الفتاة في العالم القروي والاهتمام بصحة الطفل تعزيزا للمكانة المتميزة لبلدنا في مجال التلقيح ضد الأمراض الفتاكة. وكذا مكافحة جميع أشكال سوء المعاملة والاستغلال المشين والنهوض بأوضاع ذوي الاحتياجات الخاصة كالمعاقين والعناية بفئة اليافعين منهم عن طريق التأهيل المهني وكذا بالجانحين وذلك بإيجاد فضاء خاص بهم وجعل المراكز الإصلاحية فضاءات تربوية وتأهيلية وعلاجية لاعادة إدماجهم اجتماعيا.
كما أننا نحث حكومتنا على مضاعفة جهودها وتنسيق تدخلاتها القطاعية وطنيا وجهويا وتدعيم مبادرات تعاونها وشراكتها مع الجماعات المحلية وفعاليات المجتمع المدني من أجل التفعيل الأمثل لهذه الاستراتيجية داعينا إياها أن تعمل بالموازاة مع ذلك على التعجيل بملائمة التشريع الوطني مع الاتفاقية الدولية المتعلقة بحقوق الطفل مؤكدين عزمنا الراسخ على توفير كل الشروط الضامنة لالتزامنا بها والمضي إلى الأمام برفع كل التحديات والاكراهات.
وحتى نتمكن من تقديم نموذج خلاق ومتميز في مجال المساهمة الديمقراطية لأطفالنا في وضع وتنفيذ معالم هذه الاستراتيجية فإننا ندعو اللجنة الوطنية إلى إشراكهم الواسع في بلورتها وفي مختلف الأنشطة الميدانية التي يتعين عليها تنظيمها للاحتفاء بالعشرية الأولى لحقوق الطفل.
وإننا لمستبشرون خيرا بما يعرفه مجتمعنا من تعبئة جديدة في ضل قيادتنا وتوجهنا الاجتماعي موقنين بأن هذه التجاوب الذي يبديه شعبنا الوفي مع توجهنا سيعطي ثماره في النهوض بطفولتنا وفي تحريرها من الأمية والحرمان والتهميش.
فعليكم-رعاكم الله-أن تجعلوا من مشاركة المغرب في الدورة الأممية المقبلة الخاصة بالطفولة مشاركة معبرة بصدق عن الأهمية البالغة التي تحظى بها طفولتنا في مشروعنا الاجتماعي الديمقراطي التنموي وفي مستوى لا المجهود والمبادرات التي تقدمها بلادنا في هذا المجال سواء من طرف الحكومة أو من فعاليات المجتمع المدني مؤكدة للدور الفاعل للمملكة المغربية كقوة اقتراحية رائدة يشهد بها الجميع.
أعانكم الله ووفقنا جميعا لما فيه خير تكريم أطفال وطننا العزيز بكامل حقوقهم وإعدادهم للنهوض بواجباتهم.
والسلام عليكم ورحمة الله".