جلالة الملك يوجه رسالة سامية إلى أفراد التجريدة المغربية المتوجهة إلى الكوت ديفوار

أكادير يوم 12/05/2004

" الحمد لله وحده والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه
معشر الضباط وضباط الصف وجنود التجريدة المغربية المتوجهة إلى الكوت ديفوار إيمانا منا بالمساعي الحميدة التي تقوم بها الأمم المتحدة لاستتباب الأمن والسلام، وتلبية لنداء واجب التضامن الدولي والدفاع عن القيم الانسانية العليا وسيرا على سنن أسلافنا المنعمين وما سجل لهم التاريخ من مبادرات رائدة في هذا المضمار، قررنا إيفاد تجريدتكم محاطة بحفظ الله ورعايته إلى جمهورية الكوت ديفوار للمشاركة في عملية حفظ السلام التي يقوم بها المجتمع الدولي من أجل إيقاف النزيف الذي تعانيه هذه الدولة الإفريقية الشقيقة، والإسهام في توطيد المشروعية الدولية وإرساء قواعد الحق والقانون ودعم وسائل التحاور وتيسير سبل المصالحة الوطنية وتوفير الأمن والاستقرار والسكينة اللازمة لإعادة إعمار هذا البلد الشقيق الذي تجمعنا وإياه أواصر أخوة إفريقية عريقة ومتينة.
ان هذه المبادرة تستمد جذورها من تقاليدنا الحضارية الراسخة ومن انتمائنا الإفريقي المتجذر الذي يشكل رافدا أساسيا من الروافد الغنية لهويتنا المغربية الأصيلة والمتميزة وكذا من التزامنا التاريخي والدستوري والدولي بصيانة الوحدة الترابية والوطنية والقارية للشعوب الإفريقية الشقيقة والإسهام في تحررها وأمنها واستقرارها في احترام لخصوصيات كل بلد.
كما ان مبادرتنا هاته تستجيب لتعاليم ديننا الإسلامي الحنيف وإيماننا القوي بوجوب التعاون على حفظ السلم والأمان مستلهمة أساليبها ونهجها من تجاربنا ومشاركاتنا السالفة معززة لرصيدنا الكبير ومراسنا الطويل في هذا المجال مكرسة وجودها ومؤكدة استمراريتها وضامنة دوام سدادها.
ان تجريدتكم اليوم تعتبر صفحة أخرى مباركة تضاف إلى سجل الصفحات المشرقة التي خلدتها تجريدات القوات المسلحة الملكية السالفة في جبهات مختلفة ويؤكدها حاليا وجود تجريداتنا بالكوسوفو والبوسنة والهرسك وفي الجمهورية الديمقراطية للكونغو.
وقد أثبتت جميعها من خلال حضور قوي فعال مدى نجاعة تجربة الجندي المغربي لما له من كفاية وقدرة على الانسجام مع المحيط الخارجي والانخراط في منظوماته.
معشر الضباط وضباط الصف والجنود.
عليكم ان توءدوا مهمتكم النبيلة وان تواصلوا عملكم المقدام مدركين كامل الإدراك عمق هذه الدلالات ومتمسكين بضرورة الدفاع عنها في تشبع بشرف الالتزام بمقاصدها السامية، فكونوا رعاكم الله أمناء على تقاليدنا العسكرية، وحافظوا على شيمكم المشهود لها عالميا بالخصال الحميدة المتمثلة في الشهامة والشجاعة ونبل الأخلاق والمروءة وعزة النفس. واحرصوا على ان تظلوا كما عهدناكم على الدوام نبراسا مشعا يهتدى به في الاستقامة والانضباط والقدرة على التعايش والتساكن.
نسأل الله عز وجل ان يعينكم ويسدد خطاكم إلى سبيل الخير وان يكلل جهودكم باليمن والتوفيق ويبقيكم مسلحين ومتشبثين بشعاركم الخالد.. الله - الوطن - الملك.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته".