جلالة الملك يوجه رسالة خطية إلى السيد عبد الرحمان يوسفي إثر اعتزاله العمل السياسي

الدار البيضاء يوم 02/11/2003

"الحمد لله وحده والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه
محب جنابنا الشريف الأستاذ الأجل عبد الرحمان يوسفي
أمنك الله ورعاك وعلى درب الوطنية الصادقة زاد من عطائك وسدد خطاك
السلام عليك ورحمة الله تعالى وبركاته

وبعد فقد تأثرنا لقرارك الشخصي باعتزال العمل السياسي وأبينا الا ان نبعث إلى شخصك الموقر لدى جلالتنا بهذه الرسالة الخطية منوهين بخصالك تنويها مستحقالا مجاملة فيه لن يفي بالتعبير عنه كل ما نريد ان نقوله في حقك من إشادة وثناء.
فقد كانت مسيرة حياتك أطالها الله عطاء مخلصا في خدمة بلادك وهكذا أخذت موقعك المشرف في تاريخ الوطنية المغربية مناضلا متفانيا قبل الاستقلال ومقاوما صامدا في مرحلة التحرير بقيادة جدنا المنعم محرر المغرب جلالة الملك محمد الخامس طيب الله ثراه وخائضا غمار معركة البناء الديمقراطي بعد الاستقلال على عهد والدنا المقدس باني الدولة المغربية الحديثة جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني أكرم الله مثواه، فأتيح لك من خلال هذه الأدوار والمواقع الكبرى في حياة المغرب ان تراكم لديك من التجارب السياسية الغنية بالمواقف المشرفة والثبات على المبدإ والإخلاص للمصالح العليا للبلاد والدفاع عنها وطنيا ودوليا ما أهلك عن جدارة واستحقاق لتكون وزيرا أول في حكومة التناوب كرجل دولة حكيم حيث أبنت على المعهود فيك عن حنكة سياسية ثاقبة في تدبير السلطة التنفيذية متشبثا بثوابت الأمة ومقدساتها صادرا في كل ذلك عن روءية حصيفة واتزان نشهد لك بهما.
وقد لمسنا ذلك عن كثب وانت تعمل بجانبنا كوزير أول في حكومة جلالتنا كان أول ما اتخذناه من قرار عند اعتلائنا العرش تجديد الثقة في شخصك المحنك فكنت دوما موضع تقديرنا الملكي السامي لما نهضت به من جسيم المهام وجليل الأعمال متحليا في كل الأحوال ومهما كانت دقة الظروف بخصال الإستقامة والإخلاص والصدق والنزاهة الفكرية والعفة ونكران الذات وبعد النظر والتفاني في خدمة ملكك ووطنك.
وإذا كان المغرب المعتز بالوطنيين الغيورين من مستواك الرفيع وبأبنائه البررة من طينتك الذين لا يعرفون الاعتزال عن خدمة الوطن ومقدساته فانه يعول عليك في موالاة جهودك الموفقة بفضل حنكتك وإشعاعك الوطني والدولي مساهما بوزنك الفاعل في خدمة المصالح العليا للوطن.
والله تعالىنسأل ان يديم عليك موصول الصحة والعافية مع مديد العمر مشمولا بسامي رعايتنا وسابغ رضانا منوه المقام لدى جلالتنا الشريفة.
وحرر بالقصر الملكي بالدار البيضاء في خامس رمضان 1424 ه الموافق ل 31 أكتوبر 2003"
محمد السادس  ملك المغرب .