جلالة الملك يوجه رسالة إلى الاجتماع المخصص لتوقيع " اتفاق جنيف"بين الفلسطينيين والاسرائيليين

جنيف يوم 01/12/2003

"الحمد لله وحده والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه
أصحاب المعالي والسعادة حضرات السيدات والسادة
يسعدني ان أتوجه بالتحية والتقدير إلى كل الذين ساهموا من فلسطينيين وإسرائيليين في هذا الجهد القيم لبلورة وصياغة "اتفاق جنيف" الذي انعش الأمل من جديد في إحلال السلام في منطقة الشرق الأوسط بعد ان كان اليأس قد خيم على النفوس لا في المنطقة وحدها بل لدى كل محبي السلام في العالم على إثر تدهور الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ومما لا شك فيه انه بفضل هذه المبادرة الجديرة بالاعتبار قد تمكنتم من انعاش ثقافة الحوار والسلام والتعايش الآمن بين الشعوب.
وهكذا وجهتم رسالة حضارية إلى العالم بأسره مفادها ان السلام ليس بعيد المنال متى حسنت النوايا وصدقت إرادة الحوار وتكاثفت الجهود من أجل تغليب فضائل التسامح والتساكن على نوازع العنف والإرهاب.
حضرات السيدات والسادة
ان المغرب الذي سخر جهوده وطاقاته طيلة أربعة عقود لخدمة قضية السلام في منطقة الشرق الأوسط لن يدخر أي جهد لتحقيق هذه الغاية النبيلة وذلك لاقتناعه الراسخ بان استتباب السلم يخدم مصلحة كافة شعوب المنطقة وبخاصة الأجيال الصاعدة التي من حقها ان تنعم بمستقبل أفضل يمكنها من التعايش وتجاوز المآسي والأحقاد المزمنة التي عاشتها الأجيال السابقة.
فالمغرب الذي دأب على المساهمة في كل الجهود الخيرة والمبادرات الصادقة التي تسعى لخدمة السلام والأمن والاستقرار في المنطقة وفي مقدمتها المبادرة العربية وخارطة الطريق التي اعتمدها الرباعي الدولي وتبناها المنتظم الأممي سيظل على نفس النهج ملتزما بمبادىء السلام والعدل والتعايش التي هي من مقومات هويته الحضارية، لذلك أجدد الاعراب في هذا المحفل عن عزم بلادي على مواصلة دورها المعهود في اتخاذ كل المبادرات والتعاون مع كل الأطراف من أجل تذليل الصعاب والتقريب بين المواقف للوصول إلى أرضية من التوافق يراعي مصالح جميع الشركاء في عملية السلام على أسس الشرعية الدولية ودون أي حيف أو إضرار بهذا الطرف أو ذاك.
ولا شك انه بعملكم هذا ستجدون من يناصركم ويشد من أزركم لتحقيق مشروعكم الرامي إلى إجراء مصالحة تاريخية وانهاء كامل لهذا الصراع، واننا لنأمل من جانبنا ان يساعد ذلك كله على تهيىء النفوس لخدمة الأهداف النبيلة التي سطرتموها في مبادرة "اتفاق جنيف".
ونود بهذه المناسبة المفعمة بالتفاوءل والأمل تجديد الدعم للحكومة الفلسطينية برئاسة السيد أحمد قريع، كما أدعو بصدق الحكومة الاسرائيلية إلى ان تبدي تعاونا صادقا وواسعا معها لكسر الجمود الذي تعاني منه عملية السلام رغم ما بذل من جهود لتشجيع الاستمرار فيها عبر التفاوض والحوار.
واننا إذ ندعو لكم بالتوفيق والنجاح لواثقون بان إرادة السلام ستنتصر لا محالة ويسود التعايش بين أبناء هذه الأرض المقدسة متحديا كل العوائق المعاكسة لسيرورة التاريخ ولروح عصر الديمقراطية وحقوق الانسان. واننا لنعتبر ان ذلك لن يتحقق إلا بتضافر الارادات الحسنة وبالجرأة على اتخاذ القرارات الشجاعة من أجل صنع عهد جديد تنعم فيه كافة شعوب ودول المنطقة بالسلام والأمن والاستقرار والحرية والتقدم والازدهار.
ولايفوتني في الختام ان أشيد بما قامت به الحكومة السويسرية من دور هام لدعم هذه المبادرة الحميدة وما وفرته لها من ظروف جيدة لالتئام هذا الاجتماع الهام.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته".