جلالة الملك يوجه أمرا يوميا إلى أفراد القوات المسلحة الملكية بمناسبة الذكرى السابعة والأربعين لتأسيسها

الرباط يوم 15/05/2003

" الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه
معشر الضباط وضباط الصف والجنود
يطيب لنا اليوم أن نتوجه إليكم ونحن نحتفل بتخليد الذكرى السابعة والأربعين لتأسيس قواتنا المسلحة الملكية احتفاء بالمحطات التاريخية التي قطعناها سنة بعد سنة حتى غدا يوم 41 ماي عيدا وطنيا ويوما تاريخيا مشهودا لما يحمله من دلالات وطنية عميقة.
إن مناسبة حلول هذا العيد لا تذكرنا فحسب بتأسيس قواتنا المسلحة الملكية سنة 1956 كأول رمز للموءسسات الوطنية ولكن أيضا تجعلنا نستحضر بكل إجلال ملحمة الملك والشعب التي قادها موءسس هذه القوات جدنا المقدس جلالة الملك محمد الخامس طيب الله ثراه معتزين بالمنجزات العظيمة التي تم تحقيقها في عهد والدنا المنعم جلالة الملك الحسن الثاني خلد الله في الصالحات ذكره.
إن الاحتفال بهذه الذكرى المجيدة التي تتزامن اليوم مع ما يعيشه العالم والمجتمع الدولي من تحولات سريعة يقتضي منا استيعاب دقة هذا الواقع في كل أبعاده والتعامل معه بكل تبصر وحكمة بهدف الاندماج في دروب العلم والمعرفة والاتصال والتفاعل الإيجابي مع حركية مجتمع دولي يعيش مخاض تطورات وتعقيدات متزايدة.
علينا إذن أن نعمل جميعا كي تظل هذه الذكرى نبراسا مضيئا يذكي في أنفسنا جدوة الوطنية ويجعل قلوبنا مرهفة الحس لكل ما يخدم هذا الوطن متشبثين بمقدساتنا كركائز قوية لصون هويتنا وكياننا مجندين للحفاظ على سيادة وطننا وأمنه ووحدة ترابه معتزين بحضارتنا وثقافتنا التي تمت بجذورها إلى كل ما هو مغربي أصيل كما تنفتح في نفس الوقت على التطور ومسايرة العصر في جميع الميادين.
معشر الضباط وضباط الصف والجنود
إن طموحنا اليوم هو أن تستمر قواتنا المسلحة الملكية في رقي دائم نحو مستويات عليا تصقل فيها معارفكم وتتطور فيها كفاءاتكم التقنية والعلمية. ومن أجل تحقيق هذه الأهداف أعطت جلالتنا الشريفة الأولوية لمجال التكوين العسكري والتقني وقمنا بتحديث المعاهد ومراكز التكوين ومدها بكل الوسائل الضرورية لكل تعليم واستيعاب، كما حرصنا على أن يكون التحصيل العلمي في توافق بين المناهج الدراسية وبين البرامج التكوينية معتبرين تأهيل العنصر البشري الركيزة الأساسية لقوة الجيش وتماسكه مع الاهتمام بالتراث العسكري المكتوب منه والمنقول لحفظ ذاكرة أمتنا وضمان استمرارية تاريخ وطني تستمد منها الأجيال عبرا ودروسا جاعلة منه حلقات مترابطة يشد بعضها البعض كالبنيان المرصوص.
وفي هذا السياق وعناية من جلالتنا بجميع مكوناتكم عزمنا على إدماج القوات المسلحة الملكية ضمن محطات زياراتنا التفقدية للوقوف عن قرب على أحوالكم والاطلاع على أوضاعكم وذلك في اهتمام شامل وضمن منظومة كاملة للاصلاح والتطوير مدمجين زيارة الوحدات والحاميات العسكرية ضمن زيارات أقاليم وعمالات مملكتنا موءمنين بالترابط القائم على الدوام بين المجتمعين المدني والعسكري.
معشر الضباط وضباط الصف والجنود
إن هذه المناسبة الكريمة فرصة ثمينة لجلالتنا قائدكم الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية لنجدد فيها سابغ عطفنا وننوه بما تنهضون به من جليل الأعمال في نكران للذات واستشعار الواجب الوطني ووفاء دائم للمقدسات متحلين بروح التضحية وكلها خصال أكسبتكم قواتنا المسلحة الملكية تعبئة وإقداما مكنكم من تجاوز الصعاب وصد كل التحديات في استماتة وإخلاص.
وفي هذه اللحظة المهيبة التي نشيد فيها بمستوى خدماتكم الرفيعة نستحضر بقلوب خاشعة رمز الكفاح والتحرير جدنا المغفور له جلالة الملك محمد الخامس ووالدنا المنعم باني المغرب المستقل جلالة الملك الحسن الثاني قدس الله روحه ضارعين إلى الله تعالى أن يشمل برحمته الواسعة هذين الملكين العظيمين الموءسسين كما نستحضر أرواح أبنائنا الشهداء الذين سقطوا في ساحة الشرف ليعيش الوطن مصون الكرامة موفور الأمن والاستقرار. أغدق الله تعالى عليهم شآبيب رحمته وجزاهم بما وعدهم به من حسن المقام سائلين إياه جلت قدرته أن يشملكم قواتنا المسلحة الملكية برعايته الربانية ويثبت أقدامكم ويقوي عزمكم ويسدد خطاكم ويبقيكم دائما متشبثين بشعاركم الخالد.. الله الوطن الملك.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته".