الكلمة السامية التي ألقاها صاحب الجلالة خلال ينصب المجلس العلمي الأعلى والمجالس العلمية الإقليمية

تطوان يوم 15/12/2000

"الحمد لله والصلاة والسلام على مولانا رسول وآله وصحبه
حضرات السادة....
في غمرة المباهج والإشراقات الروحية لشهر الصوم الكريم يسعدنا ونحن في مدينة تطوان العريقة أن ننصب المجلس العلمي الأعلى الذي نرأسه والمجالس العلمية الإقليمية التي تنتظم تحت إشرافنا.
وإذا كنا في هذا نسير على سنة أسلافنا الميامين ونواصل نهج والدنا المقدس جلالة الملك الحسن الثاني رضوان الله عليه في العناية بالعلم ورعاية العلماء وإقامة المؤسسات العلمية فإننا نسعى إلى بعث جديد لهذه المجالس حتى تواكب التطور الذي يعرفه المجتمع المغربي وما نتطلع إليه من إصلاح وتغيير.
إننا نريد من مجالسنا العلمية أن تكون مجالا رحبا يتيح للعلماء أن يؤدوا رسالتهم الدينية والوطنية بدءا بتأطير المواطنين والمواطنات أينما كانوا لتحصين عقيدتهم وحماية فكرهم وإنارة عقولهم وقلوبهم بما يجعلهم مؤمنين ملتزمين بدينهم ومقدسا تهم غير مهددين بتيارات التشويه والتحريف.
وهذا يقتضي توسيع نطاق الوعظ والإرشاد والدروس التوجيهية والمساهمة الفاعلة في عملية محو الأمية التي أمرنا بفتح المساجد لها والمواظبة على تنظيم دورات تكوينية للقيمين الدينيين بتنسيق مع وزارتنا في الأوقاف والشؤون الإسلامية مع ضرورة الاهتمام بالمرأة وإشراكها في المجالات الحيوية التي هي جديرة بالإسهام فيها.
وحتى تتحقق الغايات الإيجابية التي نتوخاها من رسالة المجالس العلمية فإن عليها أن تكون القدرة والمثال وأن تعكس روح الإسلام القائمة على الوسطية والإعتدال والداعية إلى التعارف والتعاطف والتراحم مما يتطلب اعتماد منهج الحوار والإقناع والتبليغ بالتي هي أحسن وكذلك العناية إلى جانب الفروض والطاعات بقضايا السلوك والمعاملات وما يحث على نشر الفضيلة ويقوي الإيمان بالمقدسات مع التركيز على التسيير والابتعاد عن التسيير مصداقا لقول الله عز وجل.."يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر".
ولن يتسنى لهذا العمل التربوي التأطيري المجتمع أن يكتمل إلا إذا كانت المجالس حاضرة في مختلف الميادين العلمية والاجتماعية ليتجلى دورها في المسجد والنادي وأجهزة الإعلام والمؤسسات الثقافية عامة إضافة إلى مقراتها التي ينبغي أن تكون مفتوحة في وجه المواطنين والمواطنات للإجابة على أسئلتهم المتعلقة بمعرفة دينهم وتطبيقه في حياتهم الخاصة والعامة والتوفيق بينه وبين مستجدات العصر.
إننا لنرى أن تنهض المجالس العلمية بأمانة الإفتاء في النوازل الطارئة وأن تنكب على هذه المهمة الملحة والعسيرة بروح جماعية يمكن الوصول بها إلى إجماع في الرأي بعد العرض على المجلس العلمي الأعلى.
وبذلكم يمكن للمجالس أن تساهم في إيجاد نهضة علمية وأن تقدم صورة حثيثة عن الإسلام وتواجه الضلالات وأن ترفع التحديات.
حضرات السادة..
لقد كان المغرب خلال تاريخه الحافل المجيد حصنا منيعا وقلعة عالية للإسلام وإننا لحريصون على أن يبقى كما كان البلد الذي يتمثل فيه الدين راسخا قويا باعتباره أساس مكونات هويتنا ومقومات شخصيتنا في تشبثنا بالمذهب المالكي والعقيدة الأشعرية وطريقة السلوك السني الهادف إلى تقويم النفوس وتنقية الضمائر مما كفل لبلادنا وحدتها وطمأنينتها، وإن العلماء الذين هم النواب عن أمير المؤمنين في تبليغ أحكام الشرع كانوا على مدى العهود ومازالوا في طليعة بناة الوطن وحراس كيانه والمدافعين عن مقدساته خداما للعرش الذي هو الدعامة والضامن لاستمرار الأمن والاستقرار وكانون بصدق وإخلاص ولاء ووفاء وبمساندة عفوية وتلقائية متجاوبين مع ملوكه الذين هم حماة الوطن والدين ورموز الشرعية والسيادة.
إننا ونحن ننصبكم أعضاء في المجلس الأعلى ورؤساء وأعضاء المجالس العلمية الإقليمية نحملكم مسؤولية دينية ووطنية سامية ولنا اليقين أنكم بعون الله وتوفيقه ستنهضون بها على النحو الذي به تبلغون ما نطمح إليه من غايات،
"وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون".صدق الله العظيم،
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته".