الكلمة السامية التي ألقاها جلالة الملك محمد السادس خلال حفل الاستقبال الذي أقامته على شرف جلالته بلدية تونس

تونس يوم 25/05/2000

" الحمد لله والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه
السيد رئيس بلدية تونس
السيدات والسادة أعضاء المجلس
حضرات السيدات والسادة
إنه ليغمرنا الشعور بالسعادة والإعتزاز، ونحن نتواجد معكم في رحاب هذا المجلس الموقر، الذي يمثل مدينة تونس العريقة.
ومن خلالكم نود أن نعبر لسكانها الأماجد، عن تأثرنا البالغ بحفاوة الإستقبال والمشاعر الطيبة التي أبدوها إزاء شخصنا ونحن نحل ضيفا بين ظهرانيهم.
إن مدينة تونس هي بوابة هذه البلاد السعيدة التي استطاعت منذ فجر التاريخ أن تعانق حضارات عديدة وأن تصهرها بل إنها عرفت منذ قرطاجة إشعاعا حضاريا أهلها لتكون سباقة في مضمار التمدن الذي عم أرجاء البحر الأبيض المتوسط.
وحينما حل الإسلام بهاته الربوع الطيبة، أصبحت تونس إحدى الحواضر الاسلامية الكبرى التي كان لها تألق حضاري متميز. ولا أدل على ذلك من وجود معلمة خالدة هي جامع الزيتونة الذي أشاع العلم والمعرفة ليس في تونس وحدها بل تجاوزها إلى مختلف البلدان والأمصار.
ويكفي هذا الجامع فخرا أنه كان كذلك مدرسة للكفاح والكرامة، تخرجت منه أجيال من الوطنيين والعلماء الذين أبلوا البلاء الحسن في بناء الدولة التونسية الحديثة، وذلك بتمسكهم بمقوماتهم الحضارية وتعميقهم للأصالة التونسية مع تفتحهم على عطاءات الآخر.
غير أن هناك جانبا آخر يشدنا إلى هذه المدينة السعيدة هو اتساق عمرانها وجمال هندستها. فلقد زاوجت بين ماضيها وحاضرها، بين أصالتها ومعاصرتها. إن هذا النجاح يعود بالأساس إلى العبقرية التونسية التي تستخلص من كل شيء عصارته، وإلى اللامركزية التي اعتمدتها تونس الشقيقة في تدبير شؤونها المحلية، وذلك بفضل التوجهات السديدة لشقيقنا فخامة الرئيس زين العابدين بن علي، الشيء الذي أهل مدينة تونس لأن تلج الألفية الثالثة بكل ثقة وثبات.
حضرات السيدات والسادة
إن أفواجا عديدة من الطلبة والعاملين من مختلف الأرجاء تتقاطر على مدينتكم إبتغاء العلم والكسب بفضل التسامح الذي عرفه بلدكم الشقيق وروح التفتح التي تطبعه،كما أن أعدادا كثيرة من رعايانا الأوفياء اتخذوا مدينتكم مستقرا لهم،وقصدوها طلبا للعلم والمعرفة.وإن هذا التمازج والإنصهار بين شعبينا هو عامل من العوامل التي ستساعدنا في ترسيخ علاقاتنا الثنائية والدفع بقاطرة إتحادنا المغاربي.
إن لتونس في نفوسنا نحن المغاربة مكانة خاصة، بحيث ظلت دوما تحمل في وجدانها الحب والتقديرلأحد أكبر رموز التحرير في العالم جدنا المنعم جلالة المغفور له محمد الخامس قدس الله روحه.ونغتنم هذه المناسبة لنعبر لكم عن تقدير جلالتنا الخاص لمبادرتها الرائدة،بتخليد ذكرى روحه الطاهرة من خلال إطلاق اسمه الشريف على أحد أكبر شوارعها وأجملها.
وختاما فإننا نجدد لكم الشكر على حرارة الإستقبال وحسن الضيافة متمنين لحاضرتكم الجميلة المزيد من التألق والعمران الحضاري، في ظل القيادة الرشيدة لأخينا المبجل فخامة الرئيس زين العابدين بن علي.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته''.