الخطاب الملكي السامي الذي وجهه صاحب الجلالة الى الأمة حول الأزمة في العراق

الرباط يوم 20/03/2003

"الحمد لله والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وءاله وصحبه،
شعبي العزيز،
أخاطبك في هذا الظرف العصيب وقد أخذت الأوضاع في العراق الشقيق المنحى الخطير الذي تعلم شعبي الوفي ما بذلناه من جهود مخلصة من أجل تفاديه سواء في اتصالاتنا الثنائية بقادة الدول الشقيقة والصديقة أو في إطار إسهامنا المتواصل في الجهود العربية والاسلامية والدولية من أجل إيجاد حل سلمي للأزمة الراهنة في نطاق التقيد بالشرعية الدولية وما تقتضيه من التزام بمقرراتها وبما يحفظ للشعب العراقي الشقيق وحدة ترابه وكيانه، وبما يصون سيادة الدول العربية الشقيقة وأمنها واستقرارها.
وإننا لنتابع تداعيات هذا الوضع الخطير مستشعرين ما يدمي قلبك من أسى عميق مقتسمين وإياك القلق الكبير مدركين مدى الوقع الشديد لمأساة الشعب العراقي الشقيق في نفوس المغاربة جميعا.
وفي هذه الظروف العصيبة التي تتعرض فيها العزائم القوية لامتحان عسير أدعوك شعبي العزيز الى التحلي بفضائل الحكمة والتبصر مستحضرا ما تحمله هذه الظروف من تداعيات وخيمة تفرض على كل واحد منا الوعي بأن الصعوبات الحقيقية لن تنحصر في مخاطر اليوم ولكنها تكمن في التحديات التي سنواجهها عندما تضع الحرب أوزارها.
لذلك يتعين على كل المواطنين والمواطنات فرادى وجماعات أحزابا ونقابات هيئات وجمعيات أن يجسدوا أكثر من أي وقت مضى ماهو معهود في المغاربة من خصال التعقل والرزانة والانضباط وما هو معروف عن المغرب من دور فعال في الساحة الدولية والجهوية. وإننا لا نسمح باتخاذ القضايا القومية أو استغلال المشاعر النبيلة للمغاربة أو الحماس الطبيعي للشباب والأطفال لزرع الفتنة والمس بالاستقرار. كما ندعو إلى التشبث بما تقتضيه مواجهة التحديات العسيرة للمحنة الراهنة ولعالم ما بعد الحرب من وحدة والتحام حول قضايانا الوطنية الكبرى وفي مقدمتها استكمال وحدتنا الترابية وبناء مشروعنا الديمقراطي التنموي.
وتلكم هي القضايا التي ينبغي أن تظل في مقدمة انشغالاتنا لأن المغرب كلما استجمع قواه الداخلية في تعبئة وتماسك إلا وكان حضوره الدولي أكثر وزنا وفاعلية.
ومن هنا نوءكد على أن تمسكنا بضمان الحريات العامة في نطاق التقيد بالضوابط القانونية كما برهنت عنه شعبي العزيز على الدوام وفي نطاق تضامنك خلال الاسابيع الاخيرة بكل الاشكال المشروعة مع الشعب العراقي بالذات لا يعادله إلا حرصنا الشديد على ممارستها في هذا الظرف الدقيق في نطاق الحفاظ على النظام العام الذي لايمكن التساهل في الاخلال به مهما كانت الظروف وفي جميع الاحوال ومن أي كان.
ولهذا الغرض أصدرنا تعليماتنا السامية الى السلطات العمومية لاتخاذ كل التدابير الكفيلة بإشاعة الطمأنينة في النفوس نهوضا من الدولة بواجبها الأساسي في صيانة أمن الأفراد وممتلكاتهم وحقهم المشروع في السكينة والاستقرار
والله تعالى نسأل أن يثبت أقدامنا ويهيىء لنا من أمرنا رشدا.
" ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا " صدق الله العظيم.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته ".