تحسين القدرات التدبيرية للموارد البشرية للجماعات الترابية أساسي لتمكينها من الإضطلاع بدورها الهام في التنمية المحلية

قال وزير الداخلية، السيد امحند العنصر، "إن الاستثمار في العنصر البشري وجعل الوظيفة العمومية المحلية أكثر جاذبية شيء أساسي من شأنه أن يمكن الجماعات الترابية من القيام بدورها في التنمية المحلية". هذا الدور الذي أصبح منتظرا منها خصوصا بعد اعتماد الدستور الجديد للمملكة، والذي خصص بابا كاملا للجهة والجماعات الترابية الأخرى، إذ منح الحق للمواطنين في الاختيار المباشر لممثليهم في الجهات، كما ركز على مبدإ التضامن بين الجهات وعزز بذلك موقع الجهة لتصبح شريكا فعليا في الاقتصاد الوطني.  

لعنصركان ذلك خلال ترأس السيد الوزير لمراسيم افتتاح الندوة الدولية رفيعة المستوى حول "اللامركزية، الجهوية المتقدمة والرأسمال البشري: الرهانات والتحديات والممارسات الرائدة"، والذي نظمته وزارة الداخلية بتعاون مع مجموعة من الشركاء الوطنيين والدوليين بقصر المؤتمرات بالصخيرات يومي 28 و29 نونبر 2011.

وأكد السيد الوزير بعد ترحيبه بجميع الحاضرين على أن اللقاء فرصة لتدارس محاور الاستثمار في العنصر البشري ومدى مطابقته للتشريعات الخاصة بالجهوية في أفق منظور يراعي الاختيارات الإستراتيجية الوطنية والإفريقية.

الداودي وفي كلمته، أكد السيد لحسن الداودي وزير التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر أن المغرب يجب أن "يعد العدة لمواجهة التحديات العالمية والاحتياجات المالية"، وأوضح أن "الدولة المركزية لم تعد قادرة على تدبير التحديات المحلية لأن هناك مهام خاصة بالمركز ومهام يجب تدبيرها على المستوى المحلي"، وعلى الدولة تعبئة وتوزيع الموارد اللازمة على الصعيد المحلي.

كما أشار السيد الداودي إلى أن الموارد البشرية هي أكبر رأسمال للجهات والجماعات الترابية بشكل عام، لهذا فالتكوين وتقوية القدرات أمر أساسي لأن التنمية ليست مرتبطة فقط بالموارد الطبيعية والمالية وإنما بالموارد البشرية القادرة على تعبئة الاستثمارات والثروات لتحقيق تنمية مستدامة ومتوازنة.

من جهته، بين السيد جون بيير إلونك امباسي، الكاتب العام لمنظمة المدن والحكومات المحلية المتحدة بإفريقيا أن اللامركزية خيار لا رجعة فيه لغالبية دول إفريقيا، إلا أننا يجب "أن ننتقل لمرحلة التنفيذ والتطبيق على أرض الواقع حتى ينعكس ذلك على حياة المواطن"، وقال إن الرأسمال البشري هو الذي يترجم سياسات الجماعات الترابية على أرض الواقع غير أن غالبية هذه الجماعات لا تتوفر على رأسمال بشري كفء لبلورة الإرادة الخاصة باللامركزية على المستوى المحلي، لهذا لابد من التركيز على تأسيس وتكوين الرأسمال البشري كخطوة أولى وأساسية لتحقيق التنمية الشاملة.

وذكر السيد إدريس أوعويشة، رئيس جامعة الأخوين بإفران بأن الجامعة حاضرة للمساهمة في تنمية الموارد البشرية منذ 2004 في إطار الشراكة مع وزارة الداخلية، ما مكن من تكوين ما يزيد عن 4000 إطار في مجالات مختلفة من بينها التواصل، تدبير المنازعات، هندسة التكوين، تكوين المكونين...وأكد أن العمل يتم بشراكة مع وزارة الداخلية في مختلف مراحل التكوين، بدءا من اختيار البرامج والمكونين، وصولا إلى التفعيل وتقييم برامج التكوين؛ وهي خاصية تميز الوزارة إذ تقف بشكل مباشر على جودة تكوين أطرها.

وأبرز السيد نور الدين مؤدب، رئيس الجامعة الدولية للرباط في كلمته أن المغرب عرف تقدما كبيرا على مستوى اللامركزية، الشيء الذي خلق تعددية في الأقطاب ستزداد مستقبلا، وبالتالي أصبحت الحاجة ملحة لخلق تعاقد بين مختلف الأقطاب لمواجهة الظرفية الصعبة المتمثلة في الأزمة الدولية. والرأسمال البشري هو نقطة انطلاق لأي تقدم أو إصلاح، لأن المواطن أصبح مستهلكا أكثر تطلبا والجماعات الترابية باتت مطالبة بتوفير خدمات أكثر جودة للاستجابة لهذه المتطلبات. وقال إن جامعة الرباط الدولية ستساهم في تقدم البلاد من خلال تقديم خبرتها وشبكتها الدولية للمساهمة في مشروع اللامركزية بالمغرب.

الجلسة العامةوخلال الجلسة العامة الأولى للندوة التي سيرها السيد سعيد اشباعتو، رئيس جمعية رؤساء المجالس الجهوية والسيد رشيد بنمختار بنعبد الله، رئيس المرصد الوطني للتنمية البشرية، والتي عرفت تدخلات خبراء مغاربة ودوليين من كندا، تايلاند، الولايات المتحدة الأمريكية، الصين والأمم المتحدة، ناقش الحاضرون تجارب مختلف الدول الحاضرة فيما يتعلق بالرأسمال البشري وارتباطه بالجهوية، والتعريف بالمكتسبات والممارسات الرائدة، كما طرحوا إشكاليات تتعلق بتثمين الوظيفة العمومية الترابية، نقل التجارب الناجحة واعتماد وحدات التكوين الأكثر ملاءمة للموارد البشرية الترابية.

واستمرت أشغال الندوة على شكل أربع ورشات موزعة على محورين أساسين، تناول فيهما الحاضرون بالنقاش والتحليل المواضيع التالية:

 

*الجوانب المؤسساتية لحكامة وأنظمة تدبير الموارد البشرية

    - تحولات وتحديات تدبير الموارد البشرية

    - إيجابيات ومحدودية النظام الخاص للوظيفة العمومية بالجماعات الترابية

*الجوانب المؤسساتية وحكامة جهاز التكوين

  •     - جهاز التكوين لفائدة الجماعات الترابية
  •     - رهانات وأنماط الإعتماد والمواصفات في إطار السياق العالمي 

وأثناء اليوم الثاني من أشغال الندوة، تم عقد الجلسة العامة الثانية تحت رئاسة السيد تاريا أول كوريس، رئيس منظمة المدن والحكومات المحلية الإفريقية ونائب الرئيس لإفريقيا الشرقية، حيث تم خلالها تقديم مشروع جهاز التكوين لفائدة الجماعات الترابية الإفريقية "الأكاديمية الإفريقية للجماعات الترابية" تناول فيه الكاتب العام لمنظمة المدن والحكومات المحلية، السيد جون بيير إلونك امباسي، سياق إحداث هذه الأكاديمية وتصورها ومهامها وأهدافها الإستراتيجية وتدبيرها وتمويلها ورزنامة ترجمتها على أرض الواقع.

يشار إلى أن هذا المشروع جاء تنفيذا لتوصيات الملتقى الافريقي الخامس للجماعات والحكومات المحلية الذي انعقد بمراكش ما بين 16 و 20 دجنبر 2009، والذي أكد على تأسيس الأكاديمية الافريقية للجماعات الترابية بهدف تقديم تكوين أكثر نجاعة للمنتخبين والموظفين بالجماعات الترابية، ولتسريع التعلم المشترك وتبادل التجارب بين الجماعات الترابية على صعيد القارة الإفريقية.

ولتحقيق هذه الأهداف، تضطلاع الأكاديمبة بالمهام التالية:

* تطوير القيادة والقدرات التدبيرية للمنتخبين وموظفي الجماعات الترابية

* تحسين أداء الجماعات الترابية

* تعزيز الحكامة الجيدة

* بالإضافة إلى كونها آلية لرصد مهن الجماعات الترابية.

وتضع الأكاديمية ثلاثة محاور استراتيجية لعملها من اعتماد لهيئات التكوين ومعايرة لمسارات التكوين والتأهيل وابتكار تربوي. وقد اتخذت منظمة المدن والحكومات المحلية المتحدة بإفريقيا المتواجد بالرباط مقرا لها.

شارك في الندوة الدولية ممثلون عن الوزارات والإدارة والجماعات الترابية، ومنظمة المدن الحكومات المحلية المتحدة بإفريقيا، وجامعات ومدارس كبرى، ومؤسسات عمومية وقطاع خاص، وكتاب عامون للجماعا  ت الترابيةوشركاء ومنظمات اجتماعية، وخبراء على المستوى الوطني والدولي بالإضافة إلى الجهات المانحة ووسائل الإعلام. 

ونظمت بشراكة مع منظمة المدن والحكومات المحلية المتحدة بافريقيا، جامعة الأخوين، الجامعة الدولية للرباط، المعهد الدولي للعلوم الإدارية، الجمعية الدولية لمدارس ومعاهد الإدارة، وبرنامج الأمم المتحدة للتنمية.

 على هامش أشغال الندوة حول اللامركزية، الجهوية المتقدمة والرأسمال البشري، أجرى الوالي المدير العام للجماعات المحلية السيد علال السكروحي، ندوة صحفية حول الملتقى السادس للمدن والحكومات المحلية المتحدة الإفريقية المرتقب  بدكار مابين 4 و 8 دجنبر 2012. ورافق السيد الوالي في هذه الندوة العامل مديرة تكوين الأطر الإدارية والتقنية بوزارة الداخلية، السيدة نجاة زروق، و الكاتب العام لمنظمة المدن والحكومات المحلية المتحدة بإفريقيا، السيد جون بيير إلونك امباسي.

السيد الواليوأشار السيد الوالي خلال الندوة الصحفية إلى أن المغرب يعرف تحولات كبيرة وجوهرية في نظام اللامركزية، حيث كرس مبدأ التدبير الحر للجماعات الترابية ومبدأ التفريع في مجال الإختصاصات. وقال بأن دور وزارة الداخلية تحول من الوصاية إلى المواكبة والمراقبة في إطار اللاتركيز الإداري. 

كما تحدث عن أهمية تبني نظام الجهوية المتقدمة ببلادنا وقال بأنها "تنسيق والتقائية، على المستوى الترابي، للسياسات العمومية ونجاعتها في الميدان الإقتصادي والإجتماعي والثقافي والبيئي، بهدف تحسين مستوى الخدمات المقدمة للمواطن والفاعلين الإقتصاديين والإجتماعيين".

وذكر السيد الوالي بضرورة إعداد ميثاق للاتركيز الإداري بموازاة مع الإعداد للجهوية المتقدمة لبلوغ الأهداف المتوخاة. كما أشار إلى أن النقاش حول هذه المواضيع يجعل العنصر البشري في صلب المعادلة، وأنه رغم مجهودات وزارة الداخلية في مجال التكوين وتقوية القدرات تبقى هناك نواقص يجب العمل على تجاوزها.

من هنا، يضيف السيد الوالي، جاء التنسيق مع مجموعة من الجامعات بهدف توفير تكوين أنجع حول المهن المرتبطة بالجماعات الترابية، وطفت فكرة إحداث أكاديمية للجماعات الترابية على المستوى الإفريقي، مفتوحة في وجه جميع الدول المنخرطة في منظمة المدن والحكومات المحلية المتحدة بإفريقيا والتي ستحدد الإحتياجات والبرامج وستساهم في تطوير البحث العلمي في ميدان الجماعات الترابية.

وأشار السيد الوالي إلى أن مشاركة المغرب في الملتقى السادس للمدن والحكومات المحلية المتحدة الإفريقية سيكون متميزا نظرا لتجربته الرائدة في مجال اللامركزية وأن الوفد المغربي الذي سيشارك في أشغال الملتقى مهم من حيث العدد والنوعية. كما قال إن الفضاء المخصص للمغرب في إطار المعرض الدولي للجماعات والحكومات المحلية هو الأكبر من نوعه. 

 بدوره تحدث السيد الكاتب العام لمنظمة المدن والحكومات المحلية المتحدة بإفريقيا عن دور الأكاديمية الإفريقية للجماعات الترابية في تكوين الرأسمال البشري كما تحدثت العامل مديرة تكوين الأطر الإدارية والتقنية بوزارة الداخلية، السيدة نجاة زروق، عن شبكة النساء المنتخبات المحليات بإفريقيا.  

30/11/2012