الجماعات الترابية تتمتع باختصاصات متكاملة في مجال البيئة و أصبح لها دور في المحافظة عليها وإدماج البعد البيئي في مخططاتها التنموية

أكد السيد الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية، الشرقي الضريس، على دور الجماعات الترابية في الحفاظ على البيئة وذلك من خلال اختصاصاتها في هذا المجال. كما أضاف أنها بحكم سياسة القرب تجعل المحافظة على البيئة في صلب عملها اليومي، حيث تعتبر فاعلا مهما في تنفيذ البرامج الوطنية البيئية كبرنامج التطهير السائل وبرنامج تدبير النفايات المنزلية.

وأشار السيد الوزير إلى أن الجماعات الترابية مدعوة لإدماج البعد البيئي في مخططاتها التنموية وتطوير كفاءاتها لتدبير أفضل لمواردها بهدف كسب الرهانات البيئية.

جاء ذلك في كلمته بمناسبة الجلسة الافتتاحية للندوة العلمية التي نظمتها وزارة الداخلية/المديرية العامة للجماعات المحلية، بمدينة الداخلة خلال الفترة الممتدة من 5 إلى 7 أبريل 2016، حول موضوع  "التحديات البيئية وأثرها في التنمية الحضرية للمدن والمناطق"، وذلك بقصر المؤتمرات بمدينة الداخلة، بتنسيق وتعاون مع المعهد العربي لإنماء المدن المتواجد بمدينة الرياض بالمملكة العربية السعودية وولاية جهة الداخلة-وادي الذهب ومجلس جهة الداخلة – وادي الذهب والمجلس الجماعي للداخلة.

لسيد الوزيروبعد أن نوه باختيار موضوع الندوة نظرا لمساهمته في إيجاد أجوبة لرفع التحديات البيئية، ركز على أهمية اعتبار البعد البيئي في تحقيق التنمية المستدامة. من هنا، يضيف السيد الوزير، انخرط المغرب والتزم بالحفاظ على البيئة من خلال دسترة الحق في بيئة سليمة كخطوة جديدة أسست لتوطيد السياسة البيئية ومأسستها، باعتماد الميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة وسن قوانين كمنع المواد المعدلة جينيا، ومعالجة المواد البلاستيكية، ومخطط الطاقة الشمسية الذي ينسجم مع رؤية المغرب للحفاظ على الطاقة وحماية البيئة، وبرامج تحسيس الساكنة بأهمية المحافظة على البيئة.

وتأكيدا لهذا التوجه، يقول السيد الوزير، فإن المغرب بصدد التهيئ لمؤتمر COP 22 الذي سينعقد خلال شهر نونبر من هذه السنة والذي يشكل اعترافا دوليا بمجهودات المملكة في هذا الميدان.

كما أضاف السيد الوزير أن المغرب حرص على أن تكون البيئة مرتكزا أساسيا في بلورة النموذج الجديد لتنمية الأقاليم الجنوبية، ودعا إلى التجنيد لبلورة رؤيا استراتيجية عربية لتدبير جيد لمواردنا الطبيعية والمحافظة على البيئة.

من جهته، رحب السيد رئيس مجلس جماعة الداخلة سيدي صلوح الجماني بكافة المشاركين، وقال إن مدينة الداخلة انخرطت في عدة برامج بيئية على الصعيد الوطني والدولي، حيث أصبحت وهي الحاضرة التي تمازج البحر والصحراء، وجهة سياحية بامتياز، وحازت على اللواء الأزرق للمرة الرابعة على التوالي في إطار برنامج شواطئ نظيفة.

عبد الله العلي النعيمالشيخ عبد الله العلي النعيم، رئيس مجلس الأمناء ورئيس المعهد العربي لإنماء المدن، بعد أن شكر الساهرين على تنظيم الندوة، تحدث عن جمال مدينة الداخلة وعبر عن إعجابه بالتنمية الكبيرة التي تعرفها الأقاليم الجنوبية. وأضاف أن المدن العربية تواجه تحديا بيئيا كبير نظرا لكون المساحات الصحراوية تشكل جزءا كبيرا منها ونظرا للتوسع العمراني المتزايد مما يشكل ضغطا على الموارد البيئية. ولهذا يحظى موضوع الندوة باهتمام خاص من طرف منظمة المدن العربية.

وتميزت هذه الجلسة الافتتاحية بحضور السيد أحمد حمد الصبيح، الأمين العام لمنظمة المدن العربية، والسيد الوالي المدير العام للجماعات المحلية، سمير محمد تازي، والسيد والي جهة الداخلة وادي الذهب، لامين بنعمر، والسيد رئيس المجلس الجهوي للداخلة وادي الذهب والسيد رئيس المجلس الإقليمي لوادي الذهب وبعض رؤساء الجهات والجماعات الترابية  الأخرى، ومنتخبين ومسؤولين رفيعي المستوى من المغرب وشخصيات وازنة وخبراء يمثلون دولا عربية عديدة. كما تميزت بوقوف الحاضرين في إجلال واحترام على نغمات النشيد الوطني المغربي وبعرض شريط حول المشاريع التنموية التي تعرفها مدينة الداخلة في الميادين  الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.

وتواصلت أشغال الندوة مباشرة بعد الجلسة الافتتاحية وامتدت على مدى ثلاثة أيام. وتناولت خمسة محاور، خصصت لكل محور منها جلسة كاملة، ساهم في تأطيرها ومناقشة وتحليل مضامينها عدة خبراء وباحثين ومسؤولين إداريين وممثلين عن المجتمع المدني من المغرب والدول العربية الشقيقة.

الجلسة الأولى: التحديات البيئية في التنمية الحضرية

خلال هذه الجلسة، تم تقديم خمسة عروض حول البعد البيئي للتنمية الحضرية والمجالية للأقاليم الجنوبية، والبعد البيئي في سياسة إعداد التراب بالمغرب وترقية البيئة الحضرية ودور التخطيط العمراني في الحد من تأثير المشاكل والتحديات البيئية، وخاصيات الوسط الطبيعي والتحديات البيئية وأثرها في التنمية الحضرية بجهة الداخلة وادي الذهب، والإدارة المتكاملة لاستدامة الموارد المائية والحد من استنزاف موارد المياه.

الجلسة الثانية: التشريعات والسياسات والمعلومات البيئية ودورها في التنمية الحضرية المستدامة

عرفت الجلسة عرض خمس مداخلات تمحورت حول التطهير السائل وتدبير النفايات المنزلية وجودة الهواء بالمغرب، والمنظور البيئي لتخطيط المجتمعات العمرانية الجديدة بمصر، والبعد البيئي في استراتيجية تنمية مناطق الواحات وشجر الأركان، ومشكلات صحة البيئة في مدينة كسلا شرق السودان، ورهانات التنمية وإكراهات البيئة بجهة الشرق، نموذج مدينة الناظور.

الجلسة الثالثة: الدولة والمواطن ودورهما في المحافظة على البيئة الطبيعية

تميزت بتقديم أربعة عروض تناولت دور شجرة الطلح في التنمية المستدامة،  ورفع الوعي البيئي والصحي وإدارة منظومة المخلفات الصلبة، والبيئة والتنمية المستدامة: معالم الأزمة وآفاق التجاوز، وآثار السيول على محلية شرق النيل، ولاية الخرطوم.

الجلسة الرابعة: الإدارة المحلية ودورها في معالجة مشاكل البيئة

خلال هذه الجلسة، تم تقديم أربع مداخلات حول دور المديرية العامة للجماعات المحلية والجماعات الترابية في الحفاظ على البيئة والتنمية المستدامة، وآلية الادارة المحلية لحماية البيئة بمدينة الرياض، والمدينة المعلوماتية: الواقع العمراني الملائم للمدن الخضراء المستدامة بيئيا، ودور الادارة المحلية في إدارة المخلفات الصلبة البلدية: الخبرات الدولية والعربية مع دراسة حالة مصر.

الجلسة الخامسة: التجارب العربية والعالمية في معالجة المشاكل البيئية بالمدن والمناطق

تميزت الجلسة بتقديم خمسة عروض تمحورت حول دور التحسيس والتربية على البيئة في تحقيق التنمية المستدامة: نموذج جهة الداخلة وادي الذهب، والتكاليف الاقتصادية للتدهور البيئي بالمدن وآليات العلاج: نماذج من التجربة المصرية، والمخاطر البيئية بين آليات التدبير وآفاق الاستدامة: النفايات الصلبة بمدينة كلميم نموذجا، والأخطار والتحديات البيئية التي تواجه مدينة نواكشوط وملامح سياسات ونتائج برامج التنمية الحضرية لمدينة ساحلية هشة، وإعادة تأهيل المطرح العمومي المهجور لأكادير الكبرى.

أما الجلسة الختامية، فقد تميزت بكلمة السيد وزير الداخلية التي ألقاها نيابة عنة السيد العامل مدير تكوين الأطر الإدارية والتقنية بالوزارة، عبد الوهاب الجابري، شكر فيها جميع المشاركات والمشاركين على مساهمتهم في إثراء أشغال هذه الندوة، و إغناء النقاش وتبادل الأفكار والآراء والتجارب والممارسات الجيدة في مجالات حماية البيئة والإشكاليات التي تطرحها في علاقتها بالتدبير الحضري وتحقيق التنمية الترابية المستدامة.

وأكد السيد الوزير على أن هذه الندوة كانت مناسبة لدعم التدبير المحلي بالدول العربية، حيث جددت اللقاء بين المسؤولين المحليين بهذه البلدان الشقيقة من أجل دعم مقومات السياسات والاستراتيجيات الهادفة لتقوية نظام اللامركزية ببلداننا وتوسيع رقعة ممارسة الديمقراطية المحلية بالأقطار العربية، حتى تصبح المدينة العربية مجالا مؤهلا لرفع جميع التحديات الآنية والمستقبلية التي تفرضها حاجيات السكان المتزايدة والمتنوعة ومتطلبات الحكامة الترابية الجيدة والتنمية المستدامة الشاملة.

وخلال نفس الجلسة، تم تقديم التوصيات التي انبثقت عن العروض والتجارب والمناقشات والحوارات التي دارت حولها، كما تمت قراءة البيان الختامي للندوة .

وفي نهاية الجلسة، رفع المشاركون برقية ولاء وإخلاص إلى مقام السدة العالية بالله صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله.

تضمن برنامج الندوة كذلك زيارات ميدانية لموقعين بمدينة الداخلة قصد الاطلاع على التطبيقات العملية في معالجة المشكلات البيئية. ويتعلق الأمر ب:

ضيعة فلاحية لإنتاج الطماطم ذات جودة عالية تستعمل أحدث التقنيات الزراعية والسقوية، حيث تستخدم المياه بصفة معقلنة والأسمدة والأدوية التي تراعي المحافظة على البيئة. 

محطة معالجة مياه التطهير السائل المنزلي باعتماد المعالجة الثلاثية، من أجل إعادة استعمال المياه العادمة في سقي المناطق الخضراء بالمدينة.

عرضوقد تمت مناقشات وحوارات حول أساليب المعالجات ونتائجها بين المشاركين والمسؤولين في تلك المواقع.

وموازاة مع أشغال الندوة، افتتح السيد الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية معرضا شاركت فيه مؤسسات وإدارات محلية وعمومية وكذا ممثلون عن الصناعة التقليدية المحلية. وقد كان السيد الوزير المنتدب مرفوقا بالسادة الوالي المدير العام للجماعات المحلية ووالي جهة الداخلة وادي الذهب ورئيس المجلس الجهوي للداخلة وادي الذهب ورئيس المجلس الإقليمي لوادي الذهب ورئيس المجلس الجماعي للداخلة ورؤساء الجماعات الترابية بالجهة وكذا المشاركين في الندوة.

حفل عشاءكما تم خلال حفل عشاء، نظم على شرف المشاركين بحضور السادة والي جهة الداخلة وادي الذهب والعامل مدير تكوين الأطر الإدارية والتقنية والأمين العام لمنظمة المدن العربية ورئيس المعهد العربي لإنماء المدن ورؤساء الجماعات الترابية بالجهة، توزيع الذروع التذكارية.

وتجدر الإشارة إلى أن الندوة العلمية تندرج ضمن اللقاءات التي دأبت وزارة الداخلية على تنظيمها لمناقشة القضايا الحيوية وتعزيز قنوات التواصل بين جميع الفاعلين المغاربة والعرب، في إطار تعزيز التعاون جنوب-جنوب وترسيخ ثقافة الحوار البناء والمشاركة الفعالة لتطوير آليات الحكامة المحلية الجيدة بالدول العربية، ورفع التحديات الراهنة المشتركة.

واختير لهذه الندوة موضوع "التحديات البيئية وأثرها في التنمية الحضرية للمدن والمناطق" للمساهمة في معالجة التحديات البيئية وأثر التلوث البيئي على التنمية الاجتماعية والاقتصادية وعلى والموارد الطبيعية والإنسان والحيوان، ولأجل التعرف على دور التكنولوجيا الحديثة في مواجهة التحديات البيئية وإيجاد التوازنات اللازمة لتفادي الكوارث البيئية أو الحد من آثارها، حماية واستدامة للتنمية.

 وقد بلغ عدد المشاركين في الندوة 350 مشاركاً حضروا من عدد من الدول هي : المملكة العربية السعودية، السودان، مصر، سوريا، موريتانيا، فلسطين، الإمارات العربية المتحدة، الكويت، بالإضافة إلى ممثلين عن القطاعات الحكومية ذات الصلة ومؤسسات دولية وعمومية وباحثين متخصصين من داخل المملكة المغربية وخارجها.

على هامش الندوة، أجرت البوابة الوطنية للجماعات الترابية حوارا مع السيد أحمد الصبيح، الأمين العام لمنظمة المدن العربي والسيد عبد الله العلي النعيم، رئيس مجلس الأمناء ورئيس المعهد العربي لإنماء المدن.

لتحميل الحوارات، المرجو الضغط هنا

14/04/2016