نص خطاب جلالة الملك خلال مأدبة العشاء التي أقامها الرئيس الغابوني على شرف جلالته

ليبرفيل يوم 26/03/2013

" الحمد لله وحده٬ والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه.
 
السيد رئيس الجمهورية٬
حضرات السيدات والسادة رؤساء مؤسسات الجمهورية٬
السيد الوزير الأول٬
حضرات السيدات والسادة٬
 
يطيب لي٬ فخامة الرئيس٬ أن أتوجه إليكم في البداية بصادق عبارات الشكر والامتنان للعبارات الرقيقة والمتمنيات الودية التي تفضلتم بتوجيهها إلي شخصيا وإلى بلدي.
 
كما أود أن أعرب لكم عن تأثري العميق بحفاوة الاستقبال الأخوي ٬الذي خصص لي وللوفد المرافق لي٬ من لدن فخامتكم والشعب الغابوني.
 
فخامة الرئيس٬
 
تستمد العلاقات القائمة بين المملكة المغربية والجمهورية الغابونية قوتها ومتانتها من الإرث القيم الذي ساهم في تشييد صرحه كل من المغفور له٬ والدنا المنعم صاحب الجلالة الملك الحسن الثاني٬ والراحل فخامة الرئيس عمر بونكو أنديمبا٬ رحمهما الله.
لقد تمكن هذان القائدان الكبيران من بناء علاقات استثنائية٬ تقوم على أسس الصداقة الخالصة والتضامن العميق٬ وتطابق وجهات النظر بشأن القضايا الاستراتيجية والمصالح المشتركة.
 
إن الزيارات الثلاث التي قادتني إلى بلدكم الجميل٬ لهي خير دليل على حرصي الدائم٬ منذ اعتلائي عرش أسلافي الميامين٬ على العمل في سبيل تمتين وتوطيد الروابط المتميزة٬ التي تجمع المغرب والغابون.
 
كما أنكم قد دأبتم٬ منذ توليكم رئاسة الجمهورية الغابونية٬على العمل الحثيث من أجل تعزيز العلاقات الثنائية القائمة بين بلدينا.
وإننا معتزون بالغ الاعتزاز٬ لاختياركم المملكة المغربية كوجهة للقيام بأول زيارة رسمية لكم إلى الخارج٬ في شهر مارس 2010.
وقد كان لتبادل هذه الزيارات ٬على أعلى مستوى٬ الفضل في إضفاء دينامية متجددة على وشائجنا الأخوية٬ ومواصلة الدفع بالتعاون الثنائي بين بلدينا إلى الأمام.
 
وفي هذا السياق٬ تم تحيين وإثراء الإطار القانوني لشراكتنا٬ بينما شهدت مختلف أشكال تبادل التجارب والخبرات فيما بيننا تطورا مطردا٬ واتسعت دائرة التعاون التقني اتساعا ملحوظا. كما تعمق التشاور السياسي بيننا٬ لاسيما على المستوى الشخصي٬ بكيفية مثمرة.
 
لقد شكلت أجواء الثقة والتفاهم الودي٬ التي تطبع علاقتنا٬ أرضية خصبة لتعزيز المبادلات الاقتصادية والتجارية بين بلدينا. وخير شاهد على ذلك٬ تنامي عدد المجموعات المغربية الكبرى المتواجدة هنا بالغابون٬ حيث تستقطبها المؤهلات التي يزخر بها الاقتصاد الغابوني٬ وتستهويها جاذبية مناخ الأعمال في بلدكم.
 
وتشمل هاته الاستثمارات الخاصة٬ القطاعات الاستراتيجية للمواصلات٬ والمالية والأبناك٬ والمناجم والصناعة. كما يبدي فاعلون مغاربة آخرون اهتماما ملحوظا ومتزايدا بالاستثمار في الغابون٬ لاسيما في قطاعات السكن والصناعة الفلاحية والاتصال.
 
وتسهم كافة هذه المجموعات إسهاما فعالا في بلوغ الأهداف المتوخاة من "المخطط الاستراتيجي٬ من أجل غابون صاعد"٬ وهو عبارة عن خطة تتسم بالواقعية والطموح٬ والتناسق المحكم بين أعمدتها الثلاثة٬ ألا وهي الاقتصاد الأخضر والصناعة والخدمات.
كما أود الاشادة بالعطاء المتميز للجالية المغربية المقيمة بالغابون٬ التي تسهم في تنمية الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية لهذا البلد الكبير.
 
كما أنوه بالتوافد المتواصل للعديد من الطالبات والطلبة الغابونيين على المغرب٬ الذين يتابعون بنجاح دراستهم العليا والمهنية بالمملكة المغربية.
 
فخامة الرئيس٬
 
أود أن أغتنم هذه اللحظة المتميزة٬ لأعرب لكم عن عميق تقديري لالتزامكم باستتباب السلم والأمن في قارتنا. فمنذ توليكم رئاسة بلدكم٬ وأنتم تحرصون على مواصلة الاضطلاع بالدور القيم الذي ما فتئ الغابون يلعبه٬ كأرض للحوار والوساطة٬ في سبيل إخماد بؤر التوتر٬ وتسوية النزاعات بين البلدان الإفريقية٬ وخير شاهد على ذلك٬ ما قمتم به في الآونة الأخيرة من تدخل شخصي٬ لحل الأزمة القائمة بجمهورية إفريقيا الوسطى.
 
وإني لعلى يقين من أن المجموعة الاقتصادية والنقدية لوسط إفريقيا٬ التي تترأسونها حاليا٬ ستتمكن خلال سنة 2013٬ من قطع أشواط هامة في إطار مسلسل التقريب بين شعوب وسط إفريقيا.
 
كما يطيب لي أن أشيد بالدور المحوري الذي يضطلع به الغابون٬ ضمن المجموعة الاقتصادية لدول وسط إفريقيا٬ التي يوجد مقرها بمدينة ليبرفيل.
 
ومن منطلق إيمان المغرب بقيم السلم والأمن والاندماج والتنمية٬ التي تتبناها هاتان المنظمتان شبه الإقليميتين٬ فإنه يعرب عن استعداده التام لإقامة علاقات مؤسساتية معهما٬ لاسيما من خلال تخويل المملكة صفة ملاحظ.
 
كما يقف المغرب والغابون جنبا إلى جنب٬ على الساحة الدولية٬ لخدمة أهداف التنمية المستدامة والسلم الشامل٬ وبلوغ الهدف المنشود لإعادة صياغة منظومة للحكامة العالمية٬ تضطلع فيه قارتنا الإفريقية بدور فعال.
 
فخامة الرئيس٬
 
لي كامل اليقين أن زيارتي الحالية للغابون سوف تشكل٬ بفضل القرارات التي سنتخذها٬ والأعمال التي سنحددها٬ لبنة جديدة لها أهمية بالغة في تطوير العلاقات القائمة بين بلدينا٬ والمتميزة على الدوام بآفاقها الواعدة.
 
ومن هنا سنتمكن من مواصلة تعميق وتوسيع شراكتنا التضامنية والمثمرة٬ والاعتماد على قدراتنا الذاتية للاستجابة للتطلعات المشروعة لشعبينا الشقيقين٬ المشهود لهما بمدى تشبثهما بالتعاون بين الدول الإفريقية.
 
حضرات السيدات والسادة٬
 
أدعوكم للوقوف تكريما وتقديرا لفخامة السيد الرئيس علي بونكو أنديمبا٬ وإكبارا للصداقة المغربية الغابونية٬ ولازدهار شعبينا الشقيقين.
 
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته".