نص الخطاب الذي ألقاه جلالة الملك خلال مأدبة العشاء التي أقامها على شرفه الرئيس السنغالي

دكار يوم 15/03/2013

"الحمد لله والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه.
 
السيد رئيس الجمهورية٬
 
حضرات السيدات والسادة رؤساء مؤسسات الجمهورية٬
 
السيد الوزير الأول٬
 
حضرات السيدات والسادة٬
 
أود في بداية خطابي٬ أن أتوجه إلى فخامتكم وإلى الحكومة والشعب السنغالي٬ بالشكر على حرارة الاستقبال الذى خصص لنا منذ أن وطأنا أرض ترانغا المضيافة. كما أعرب لكم٬ بهذه المناسبة ٬ عن السعادة التي تغمرني وأنا بين ظهرانيكم في السنغال من جديد٬ هذا البلد الشقيق الأثير لدى كل المغاربة٬ الذي يتقاسم معه المغرب رصيدا تاريخيا وروحيا غنيا ومتميزا ٬ والذي ارتبط بالمغرب بشتى أواصر القرابة التي تجسدها علاقات التضامن الراسخة والتعاون المثمر والمبادلات المتجددة والعميقة.
 
إن المملكة المغربية تتقاسم مع هذا البلد الشقيق٬ التطلع إلى بناء دولة عصرية تحافظ على هويتها الوطنية الوطيدة٬ وتحترم حقوق الإنسان٬ وتسعى نحو التقدم الاجتماعي والحكامة الجيدة والشفافية٬ بشكل لا رجعة فيه.
 
واسمحوا لي ٬ فخامة الرئيس٬ أن أغتنم هذه الفرصة السعيدة لأجدد لكم وللشعب السنغالي٬ تهانئ المملكة المغربية لانتخابكم المستحق قصد الاضطلاع بمهام القيادة العليا لجمهورية السنغال٬ وللمناخ الديمقراطي الهادئ الذي ساد الاقتراع الرئاسي٬ ليوم 25 مارس 2012.
 
إن هذا المسار الرزين بشتى المعايير٬ لمن شأنه أن يدعم السمعة الديمقراطية للسنغال٬ هذه الدولة التي يضرب بها المثل في محيط قاري ما فتئ يعرف اهتزازات ومجازفات تنتمي إلى حقب عفى عليها الزمن.
 
وإننا لنجدد لكم دعاءنا بالتوفيق لبلوغ أهدافكم المشروعة٬ وما التزمتم به لرفع تحديات التغيير٬ والتنمية والتقدم لصالح شعبكم٬ تلكم الالتزامات التي أخذ تفعيلها يعطي نتائجه الأولية خلال الأشهر الأخيرة. فخامة الرئيس٬
 
إن المملكة المغربية لتضع المصالح الحيوية لقارتنا الكبرى والتعاون مع الدول الإفريقية الشقيقة٬ في مقدمة سياستها الخارجية٬ كما تعطي الأولوية للتعاون بين دول الجنوب٬ في نطاق من التضامن والمصلحة المتبادلة٬ بغية تحقيق تنمية بشرية مستدامة٬ أساسها صيانة كرامة شعوبنا الأفريقية٬ ومنطلقها المساهمة الفاعلة من أجل تقدمها٬ في إطار السلم والأمن.
 
في هذا الإطار٬ وكما تعلمون فخامة الرئيس٬ فإن السنغال الشقيقة تحتل مكانة متميزة٬ وأن بلدينا يرتبطان بعلاقات قوية وحيوية ومتميزة.
 
إن تبادل الزيارات الدورية بين المسؤولين السامين المغاربة والسنغاليين٬ وسن مشاورات دائمة بين بلدينا٬ إضافة إلى الدعم السياسي المتبادل والمنتظم٬ كلها عناصر مكنت من الارتقاء بعلاقاتنا إلى مستوى شراكة نتطلع أن تكون استراتيجية ومتعددة الأشكال وإرادية.
 
وفي هذا الصدد٬ أود أن أعبر لكم عن ارتياحي للمستوى الرفيع الذي ارتقى إليه التعاون الثنائي في ميدان التربية والتكوين٬ حيث تجلى في تبادل مكثف للطلبة بين بلدينا.
 
إن التعاون المغربي السنغالي اليوم٬ يتميز بغناه وتنوعه. ويتجلى ذلك بالخصوص في القطاع الفلاحي٬ حيث تم إنجاز ضيعة "قطب الامتياز الفلاحي" في منطقة تياز٬ وقطاع الكهربة القروية في شمال السنغال٬ ومجال الأمطار الاصطناعية الذي يخضع لبرنامج يمتد عبر ست سنوات٬ والذي مكن من رفع مستوى التساقطات في المناطق المحددة لذلك.
 
وأود أن أؤكد لكم٬ فخامة الرئيس٬ عزمي الراسخ على العمل سويا معكم لتعبئة كافة الإمكانات من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة ومحاربة الهشاشة والإقصاء الاجتماعيين.
 
فخامة الرئيس٬
 
إن مبادلاتنا الاقتصادية والتجارية٬ قد سجلت ارتفاعا منتظما٬ دعمتها دينامية النقل الجوي بربط المركزين الإقليميين : الدار البيضاء وداكار٬ والآفاق الواعدة التي يفتحها المحور الطرقي الذي يربط المغرب والسنغال٬ عبر أراضي الجمهورية الموريتانية الشقيقة. وعلينا الآن استكمال هذه الآلية بتحسين اتصالاتنا البحرية.
 
ومن ناحية أخرى٬ فإنني سعيد بأن أنوه بالمجهودات المبذولة لتعبيد الطريق أمام فاعلينا الاقتصاديين٬ هذه المجهودات التي بدأت تعطي ثمارها في تنام مستمر٬ بارتفاع وتيرة الاستثمارات المغربية الخاصة في السنغال٬ في القطاعات البنكية والمالية والتأمين.
 
إن هذه الدينامية المعززة بالتحسن المطرد الذي يعرفه مجال الأعمال٬ ستخلق لا محالة مزيدا من الاستثمارات المغربية الخاصة في قطاعات أخرى.
 
فخامة الرئيس٬
 
إنني لأعتز بتطابق وجهات نظرنا فيما يتعلق بأهم القضايا الدولية والإفريقية٬ ولاسيما تجاه الرهانات والمخاطر المتنامية والمحدقة بفضائنا الاستراتيجي المشترك٬ المطل على المحيط الأطلسي٬ والمجاور لمنطقة الساحل.
 
إننا ننادي جميعا باستراتيجية حل شامل لكافة التهديدات الأمنية في المنطقة برمتها٬ ولمتطلبات التنمية المستدامة٬ استراتيجية يجتمع حولها كل الفاعلين المعنيين٬ في نطاق مقاربة جماعية٬ متضامنة ومنسجمة٬ تشمل شتى المجالات السياسية منها والاستراتيجية والاقتصادية.
 
حضرات السيدات والسادة٬
 
أدعوكم أن تقفوا معي تكريما للسيد الرئيس ماكي سال٬ وتقديرا لنجاحه في خدمة السنغال ولمستقبل علاقات الصداقة المتميزة بين البلدين الشقيقين.
 
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته".