جلالة الملك يوجه رسالة سامية إلى المشاركين في الندوة الدولية حول "التدبير المستدام للساحل : دور التربية والتحسيس"

طنجة يوم 10/10/2010

وجه صاحب الجلالة الملك محمد السادس،نصره الله،رسالة سامية إلى المشاركين في الندوة الدولية،التي انطلقت أشغالها  بطنجة،حول "التدبير المستدام للساحل : دور التربية والتحسيس 

وفي ما يلي نص الرسالة الملكية السامية التي تلتها صاحبة السمو الملكي الأميرة للا حسناء،رئيسة مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة،وسفيرة الساحل لدى خطة العمل للبحر الأبيض المتوسط التابع لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة :


" الحمد لله،والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه.

حضرات السيدات والسادة،

يطيب لنا أن نتوجه إلى المشاركين في أشغال هذه الندوة الدولية الهامة،حول "التدبير المستدام للساحل : دور التربية والتحسيس"; منوهين بوجاهة موضوعها.

كما نشيد بالمبادرة الحميدة لمؤسسة محمد السادس لحماية البيئة،تحت الرئاسة الموفقة لشقيقتنا العزيزة،صاحبة السمو الملكي الأميرة الجليلة للا حسناء،لعقد هذا الملتقى الدولي،بإشراف من اليونيسكو،وبشراكة مع الإسيسكو.

وهو ما يعتبر دليلا على التقدير،الذي تحظى به بلادنا،في مجال التوفيق بين متطلبات التنمية الاقتصادية والبشرية،وبين الالتزام بالاتفاقات الدولية المتعلقة بالحفاظ على البيئة.

وقد قام المغرب، وفاء منه بهذا التعهد الوطني والدولي، ببذل جهود متواصلة في ميدان البيئة. كما حققت بلادنا خطوات متقدمة، مؤسسية وقانونية; هادفة لإدماج قضايا البيئة، في السياسات العمومية للتنمية.

وفي سياق نفس التوجه،أقدمنا على اتخاذ العديد من المبادرات لتطوير التنمية النظيفة،من خلال إطلاق برامج وطنية كبرى،وإقرار التشريعات اللازمة،للنهوض بالبيئة وحمايتها،ومحاربة تلوث الهواء،وتدبير النفايات; بما في ذلك منع استعمال الأكياس غير القابلة للتحلل بيولوجيا.

كما تم اعتماد قانون حول الطاقات النظيفة والمتجددة،التي نولي أهمية خاصة للنهوض بها،لا سيما عبر مشروعنا لإنتاج الطاقة الشمسية،الرائد جهويا وعالميا.

وفيما يخص التغيرات المناخية،التي تشكل أحد الانشغالات الرئيسية للمجتمع المدني،فقد أطلقت بلادنا عدة مبادرات. نذكر من بينها مواصلة برامج حسن تدبير الموارد المائية،والحفاظ على جودتها،واعتماد استراتيجيات وطنية لمحاربة الفيضانات والتصحر،والحد من مخاطر الكوارث الطبيعية.


حضرات السيدات والسادة،

يعد الساحل،في جل بلدان العالم،من أكثر المناطق التي تعاني الاستغلال المفرط لفضائه الطبيعي والبيئي. وذلك بسبب الأنماط الاستهلاكية الحالية،وتمركز العديد من الأنشطة الاقتصادية فيه،وما يعرفه من انتشار عمراني متواصل،واحتياجات متزايدة في مجال التجهيز والبنى التحتية والطاقة. وتنضاف إلى هذه التحديات،الضغوط الناجمة عن النشاط السياحي الموسمي،المتنامي سنة بعد أخرى.

لذا،فإن الساحل يشكل فضاء تكتسي فيه رهانات التنمية المستدامة أهمية خاصة. وذلك بالنظر لما يهدد الوسط البحري،والأنظمة البيئية الساحلية عموما،من مخاطر،تحمل في طياتها انعكاسات سلبية على الاقتصاد والبيئة،وتعرقل تحقيق أهداف الألفية للتنمية.

واستشعارا من بلادنا لحجم هذه التحديات،تم إعداد مشروع قانون يتعلق بتهيئة الساحل وحمايته واستصلاحه،والمحافظة عليه.

لكن مهما كانت أهمية الجانب التشريعي،فإن المحك الحقيقي للتدبير المستدام،سواء بالنسبة للساحل،أو في التنمية عموما،يبقى هو انخراط وتعبئة كافة مكونات المجتمع،والقيام بعمل دؤوب للتوعية والتربية في هذا المجال.

وفي هذا الصدد،نود الإشادة بالجهود القيمة،التي تبذلها شقيقتنا العزيزة،صاحبة السمو الملكي الأميرة للا حسناء،رئيسة مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة،وسفيرة الساحل لدى خطة العمل للبحر الأبيض المتوسط التابع لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة،من أجل تعزيز النشاط التحسيسي والتربوي،الهادف إلى التعريف بقضايا البيئة،في إطار شراكات مثمرة،مع فعاليات المجتمع المدني،والمقاولات المواطنة،العامة والخاصة،والجماعات المحلية،والوزارات المعنية.

ومن هنا،إذ ننوه بإطلاق المؤسسة ل "برنامج المدارس البيئية"،في إطار اتفاقية شراكة مع وزارة التربية الوطنية،فإننا نحث على تعميمه،باعتباره مساهمة جوهرية لتحقيق هذا الهدف.

كما يعتبر الميثاق الوطني للبيئة،الذي دعونا لبلورته في نطاق قانون-إطار; بعد إنضاج مساره بمقاربتنا التشاركية،والتشاورية والإدماجية،أكثر من مسأ لة بيئية. فهو بمثابة مشروع مجتمعي. كما أننا نريده مرجعا عموميا للسياسات العمومية لبلادنا. وهو ما يقتضي من كافة المؤسسات والقوى الحية،الانخراط القوي،والتعبئة الدائمة لتفعيله.

حضرات السيدات والسادة،

إن ملتقاكم الهام،في ظل رعايتنا السامية،ليشكل مناسبة هامة لتبادل التجارب المفيدة،بين فعاليات ذات مستوى متميز من الكفاءة والخبرة،والمسؤولية والالتزام.

وإننا لنتطلع لأن تعزز توصياتكم،العمل التربوي والتحسيسي بأهمية الحفاظ على الساحل،وضرورة حمايته من كل المخاطر المحدقة به.

وختاما،فإننا نرحب بجميع المشاركين في هذه الندوة العلمية الهامة،ضيوفا كراما ببلدهم الثاني المغرب،أرض اللقاءات المثمرة بشأن أمهات القضايا،الهادفة لخدمة الإنسانية والتنمية المستدامة. وبمدينة طنجة; بصيتها وموقعها العالمي كملتقى للبحر المتوسط والمحيط الأطلسي،وكرمز وجسر لتفاعل الحضارات والثقافات،وحرية وحركية المبادلات الإنسانية والكونية.

والله تعالى نسأل أن يكلل أشغالكم بالتوفيق.

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته ".