صاحب الجلالة يوجه الأمر اليومي إلى القوات المسلحة الملكية بمناسبة الذكرى الثامنة والأربعين لتأسيسها

الرباط يوم 14/05/2004

" الحمد لله وحدة والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه
معشر الضباط وضباط الصف والجنود
ها انتم تحتفلون اليوم والأمة المغربية بجميع شرائحها بالذكرى الثامنة والاربعين لتأسيس القوات المسلحة الملكية وهي مناسبة جليلة تتيح لنا نحن قائدكم الاعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية فرصة لتخليد ما قام به جدنا المغفور له جلالة الملك محمد الخامس طيب الله ثراه الذي استنار باشراقة فجر الاستقلال ببعد نظر ليوءسس هذه القوات كأول رمز للسيادة الوطنية.
وتمثل هذه الذكرى مناسبة غالية نستحضر فيها بكل فخر واعتزاز ما انجزه والدنا المنعم جلالة الملك الحسن الثاني تغمده الله برحمته الواسعة من أعمال نبيلة وسعي حثيث لتنظيم وتطوير قواتنا المسلحة الملكية الباسلة.
معشر الضباط وضباط الصف والجنود
ان الثماني والاربعين سنة التي مرت على تأسيس القوات المسلحة الملكية اليوم مكنتنا من تسجيل بكل رضى واعتزاز مدى تعلقكم المتين بأهداب العرش العلوي المجيد وتشبثكم بالقيم المثلى ومقدساتكم العليا حتى صارت هذه القيم مصادر تستمدون منها كل ما تتحلون به من قوة وانضباط.
فعلى امتداد هذه العقود والسنوات ظلت مؤسستكم في تفاعل مع الأمة المغربية تستجيب بحس وطني مرهف لنداء الواجب مع النهوض بأعبائه كاملة سواء تعلق الامر بقضايا وطنية أم أخرى دولية.
ان الصفحات المجيدة التي تحفظها الذاكرة التاريخية المغربية لهي بالنسبة لنا قائدكم الاعلى من بين ما نعتز به ويثير حقا افتخارنا ويعرب عن عميق ارتياحنا وكامل رضانا.
معشر الضباط وضباط الصف والجنود
ان استجابتكم الدائمة للنداء الوطني تضيف لسجلكم التاريخي هذه السنة مواقفكم الحاسمة فيما عرفته المنطقة الشمالية من مملكتنا من هزات أرضية أصابت مدينة الحسيمة وضواحيها.
فلم تكن مجهوداتكم في مواجهة عواقب الكارثة التي ابتلي بها هذا الاقليم العزيز تقل عن تلك التي أبنتم عنها بمنطقة أكادير في مطلع الستينات، فبنفس الفعالية وقوة الإياان والتفاني ونكران الذات تم التنفيذ الحرفي لاوامرنا من طرف وحداتنا المختصة في الاسعاف وانقاذ الضحايا الشيء الذي لمسناه مباشرة وعن كثب في تتبعنا اليومي لسير العمليات إلى ان استعادت المنطقة هدوءها وطمانينتها.
ان ما أثلج صدورنا بعد فزعة هذا الحدث هو كون الحامية العسكرية للحسيمة كان لها السبق في الوقوف على أحداث الزلزال مثل ما فعل العديد من المسؤولين وفئات من المدنيين المتطوعين حيث هبت هذه العناصر بمجرد وقوعه لانقاذ المتضررين منه بكل ايمان ومسؤولية غير مبالية بأسرها التي كانت تعيش نفس الاوضاع، فكانت ملحمة تشهد مرة أخرى على ذلك الترابط المألوف بين المجتمع المدني والعسكري لخدمة الصالح العام.
ان هذا الحضور الفعال جاء ليؤكد لنا من جديد استعدادكم الدائم واستجابتكم للواجب الوطني بهدف مواجهة كل ما يمكن ان يصيب هذا البلد الامين كما برهنت ايضا على سعة فكر وحزم في الاداء وحسن تصرف مع الفرقاء والقدرة على التعاون في تناسق مع جميع المؤسسات الاخرى مدنية كانت أم عسكرية.
وبكل اعتزاز وفخر سجلنا الدور الفعال الذي لعبته المراة العسكرية خلال هذه الاحداث وهو ما يرسخ ايماننا بما قامت به جلالتنا من عناية باوضاعها واهتمام باحوال الاسرة ضمن تعديلاتنا الاجتماعية.
وان جلالتنا لتنوه باعمالكم النبيلة هذه وتحثكم على الاعتناء اكثر بالتكوين والتدريب في مجالات مختلفة لمحاربة الكوارث الطبيعية مع التنسيق بينكم وبين مختلف القطاعات المختصة لصياغة تصور شمولي منسجم تتكامل اطرافه وتتظافر مجهوداته ويسهل توظيفه عند الحاجة وذلك وفق تعليماتنا السامية في هذا المجال.
أما في ما يخص التضامن الدولي وعلى غرار التجريدات التي تعمل منذ عدة سنوات بالبوسنة والكوسوفو وجمهورية الكونغو الديمقراطية وفي اطار عمليات حفظ السلام واثبات المشروعية الدولية التي شرفت الحضور العسكري المغربي، قررت جلالتنا ايفاد تجريدة إلى جمهورية الكوت ديفوار حيث تم ارسال الطلائع الاولى منذ بضعة ايام وذلك دعما للمساعي الحميدة التي تبذلها منظمة الأمم المتحدة من اجل اعادة الامن والاستقرار إلى هذا القطر الافريقي الصديق.
وتلبية لرغبة اخوية وفي اطار دعم اواصر الصداقة المتبادلة بين قواتنا المسلحة ونظيراتها بعثنا موءخرا وفدا من تلاميذ ضباط الاكاديمية الملكية العسكرية إلى جمهورية السينغال للمشاركة في الاستعراض العسكري الكبير الذي أقيم بمناسبة الذكرى الرابعة والاربعين لاستقلال هذا البلد الصديق مما خلف الوقع الحسن والصدى الحميد.
معشر الضباط وضباط الصف والجنود
ان في مثل هذا اليوم الاغر يذهب التفكير بنا دائما وتتحرك الذاكرة المغربية بكل خشوع واجلال لتستحضر القائدين الراحلين جدنا جلالة المغفور له محمد الخامس محرر البلاد ومؤسس القوات المسلحة الملكية ووالدنا جلالة الملك الحسن الثاني تغمده الله بواسع رحمته أب الأمة وباني المغرب المستقل. وبهذه المناسبة الجليلة نتضرع للباري تعالى ان يشملهما برحمته الواسعة وان يسكنهما فسيح جناته مع النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين.
وبنفس الإيمان نتوسل إلى الله جل جلاله ان يشمل برحمته ورضوانه شهداءنا الابرار الذين سقطوا في ساحة الشرف ليعيش المغرب في كنف السلام وفي ظل الكرامة سائلين الله العلي القدير ان يعينكم ويشد عزمكم ويكلل جهودكم بالتوفيق والسداد متشبثين بشعاركم الخالد.. الله - الوطن - الملك.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته".