نص الرسالة السامية التي وجهها جلالة الملك الى المشاركين في المؤتمر الدولي الخاص برصد التمويل ل "الجامعة الإفتراضية الإفريقية" المنعقد بمراكش

مراكش يوم 28/03/2003

"الحمد لله والصلاة والسلام على مولانا رسول الله واله وصحبه،
أصحاب المعالي وزراء التعليم العالي والبحث العلمي بافريقيا،
أصحاب السعادة ممثلي روءساء دول وحكومات مجموعة الثمانية وممثلي المنظمات والوكالات الدولية،
حضرة السيد الرئيس المدير العام والسادة اعضاء مجلس الوصاية ومجلس ادارة الجامعة الافريقية عبر الاعلاميات،
السيدات والسادة عمداء الجامعات الافريقية،
حضرات السيدات والسادة.
يسعدنا أن نرحب بكم بالمغرب البلد الافريقي الفخور باحتضان ومساندة المشاريع الهادفة لخدمة وتقدم وتنمية شعوب قارتنا معتزين برعايتنا لهذا الملتقى الدولي حول دعم الجامعة الافريقية عبر الاعلاميات معربين عن تقديرنا لكم ولما تمثلونه من دول ومجموعات وهيآت موقرة منوهين بما أبديتموه من عون مشكور وجهود سخية تجعلنا نتطلع الى أن تشكل هذه الجامعة الرائدة لبنة قوية تعزز صرح افريقيا الثقافي واشعاعها الحضاري.
ان إحداث هذه الجامعة ليستأثر ياهتمامنا لما يعبر عنه من ادراك شعوب افريقيا قيادات ونخبا بان المصير المشترك لبلدان قارتنا وتقدمها رهين بمدى عنايتنا بالانسان الافريقي واستثمارنا الامثل لمواردنا البشرية وتوفيرنا للمقومات الكفيلة بجعلها ترفع تحديات التنمية المستدامة وتتدارك تخلفها التاريخي عن الثورة الصناعية بالانخراط القوي في الثورة الرقمية وتشيد مشروعا مجتمعيا وسيلته التربية والمعرفة والاتصال والتبادل وعماده الديمقراطية والمشاركة المواطنة والانفتاح وغايته الانسان الموءهل المحفوظ الكرامة.
وقد حرصنا على تجسيد بلادنا لهذا التوجه باحلال اصلاح منظومة التربية والتكوين على راس اسبقيات السياسات العمومية في نطاق ميثاق وطني عشاري ينطلق من روءية شمولية نحو اهداف موضوعية تعتمد في بلوغها على أساليب حديثة وقابلة للتطوير في اطار دينامية تتميز بمساهمة وإشراك الجميع في هذا الورش الوطني المصيري الذي آلينا على نفسنا الا ندخر اي جهد من أجل تعبئة كل الوسائل والامكانات، الكفيلة بانجاز ما يرمي إليه من نهضة وطنية فكرية وتكنولوجية.
وإن دعمنا اليوم لمشروع الجامعة الافريقية عبر الاعلاميات ليجد مرجعيته في هذا التوجه الاستراتيجي الوطني وفي الالتزام الراسخ للمغرب بمساندة أحد المرتكزات القوية لمبادرة النيباد المتمثلة في أصلاح منظومة التربية والتكوين ببلداننا الافريقية.
وإننا لواثقون أن مشروع هذه الجامعة الافريقية الرائدة سيمكن بتقنياته المتطورة من احداث تغير جذري في المعادلة الصعبة بين الحاجات والامكانات وبين التكلفة والفعالية التي تعد بمثابة التحدي الاساسي أمام كل مشاريع الاصلاح في مجال التعليم والبحث العلمي في بلداننا.ومما يقوي ثقتنا في هذا المشروع المقدام ماسيوفره من فرص ثمينة للتواصل بين بلدان قارتنا والتعريف بطاقات علمائها وخبراتهم وتبادل تجاربهم وتحفيز كافة المتخصصين منهم للتنافس في جعل شباب هذه القارة المتعطش للعلم والمعرفة مؤهلا لمسايرة التقدم قادرا على رفع التحديات مندمجا في حركية التنمية المستدامة.
وعلاوة على ذلك فإننا بدعمنا لهذه المؤسسة العلمية سنسهم في إنجاح مشروع إفريقي حضاري كبير، يتوخى استثمار المعرفة الكونية بمختلف وسائل الاتصال والاعلام لفائدة أجيالنا الصاعدة، معتمدين على الشراكة في إطار نموذج للتعاون الدولي الناجع المتجسد في توفير ظروف تنمية حقيقية متلائمة مع مقومات بلداننا محترمة لثقافات شعوبها ومعززة لكونية حقوق الانسان.
وسيظل المغرب دائما في طليعة المساندين لمثل هذه المشاريع الافريقية في إطار من التعاون جنوب جنوب معبئا لذلك امكانات وطاقات جامعاته التي ما فتئت تتقاسم تجاربها وخبراتها مع مثيلاتها الافريقية والعالمية.
وإننا إذ نجدد الترحاب بكم حضرات السيدات والسادة، فإننا نخص بتهانئنا الحارة رجلا إفريقيا مقتدرا وعالما كبيرا يعد مفخرة للافارقة إنه الاستاذ الجليل الشيخ موديبو ديارا رئيس الجامعة الافريقية عبر الاعلاميات وسفير النوايا الحسنة لليونسكو الذي ننوه بمبادرته الى جانب شقيقتنا العزيزة صاحبة السمو الملكي الاميرة للامريم الى عقد هذه التظاهرة الهامة ببلادنا. كما نود الاعراب لشخصه الموقر وللسيدات والسادة المحترمين أعضاء مجلسي الوصاية والادارة عن اعتزاز المغرب باحتضان هذا الملتقى المبارك لدعم هذه الجامعة مجددين التأكيد لكم بأننا لن ندخر جهدا لجعلها وسيلة ناجعة لاشاعة التربية والمعرفة والاتصال باعتبارها عماد المشروع الديمقراطي التنموي الحداثي والرأسمال البشري والرصيد المستقبلي للاجيال الصاعدة سائلين الله تعالى أن يعينكم فيما أنتم بصدده من نشر لنور العلم وتحقيق المثاقفة بين الحضارات ويكلل أعمالكم بالتوفيق والسداد.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته".