نص الخطاب السامي الذي ألقاه جلالة الملك أمام المجلس الأعلى لإعداد التراب الوطني

الرباط يوم 12/05/2004

" الحمد لله والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه
حضرات السيدات والسادة
لقد حرصنا على افتتاح أشغال الدورة الأولى للمجلس الأعلى لإعداد التراب الوطني لما نتوخاه بإحداثنا لهذه الهيئة من التئام كل المكونات الوطنية وتضافر جهودها في نطاق فضاء رحب للدراسة والحوار والتشاور حول إعداد التراب الذي نعتبره رهانا حيويا لتحقيق التنمية الشاملة والمندمجة والمتوازنة لبلادنا، وذلك بضمان تكافوء الفرص بين مختلف جهات المملكة في إطار تدبير ترابي محكم وخلاق يجمع بين موءهلات المجالات المحلية في غناها وتنوعها وما يمليه واجب التضامن الوطني بين مختلف الفئات الاجتماعية والوحدات الترابية.
ويطيب لنا التنويه بالعمل الجاد الذي قامت به حكومة جلالتنا- وخاصة الوزارة المكلفة بهذا القطاع- بمشاركة المؤسسات العمومية والمنتخبة والأطر الجامعية وفعاليات المجتمع المدني في إطار حوار وطني موسع تمخعداد مشروع الميثاق الوطني لإعداد التراب وتحديد معالم مخطط متكامل لرهاناته الاستراتيجية منتظرين من مجلسكم النهوض بمهامه في إثراء مشروع هذا الميثاق التنموي الهام بالتوصيات والمقترحات البناءة، وذلك باقتراح الجدول الزمني والاجراءات القانونية والتنظيمية والإدارية والمالية التي يجب اتخاذها لكسب تلكم الرهانات.
كما ان مجلسكم مدعو إلى الالتزام بمنهجية عقلانية تعتمد المبادرة والقوة الاقتراحية والنظرة المستقبلية الكفيلة بضمان التنسيق اللازم بين السياسات القطاعية والانسجام المحكم بين التخطيط الاقتصادي والاجتماعي ومخططات إعداد التراب، مستحضرين في أعمالكم ما نوليه من أهمية خاصة لتعبئة المواطنين في نطاق سياسة المشاركة والقرب وللدور المنوط بالمجالس المحلية وخاصة الجهوية منها باعتبارها الفضاء الأمثل لتجسيد السياسة الوطنية لإعداد التراب وبلورة التشارك المثمر لكسب معركة التنمية.
وان من شان التزامكم بهذه التوجهات في مداولاتكم وأعمالكم ان يمكن بلادنا من مخطط وطني طموح وعقلاني لإعداد التراب ينير سبيلنا لاستكشاف كل ما تزخر به بلادنا من إمكانات، وتسخير ما تزخر به من طاقات في إطار من التعبئة الشاملة والانخراط الجاد والإرادي لكافة أجهزة الدولة ومجموع الفاعلين لخلق دينامية جديدة تكفل رفع تحدي التنمية الشاملة والمندمجة والمستديمة التي ننشدها لبلدنا ولا سيما النهوض بالعالم القروي والقضاء على التفاوتات المجالية والاجتماعية بتحفيز الاستثمار المنتج الموفر للشغل والعيش الكريم لشعبنا الوفي وفي مقدمته شبابنا الواثق في حاضره ومستقبله الواعد بالإبداع والعطاء الغيور على وطنه في كافة الميادين وسائر الجبهات.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته".