لا يوجد مستقبل للبشرية إذا كانت المرأة لا تلعب دورها ولا تأخذ مكانها إلى جانب الرجل

شهدت مدينة باريس من 30 يناير إلى فاتح فبراير 2013، عقد أول ندوة دولية للنساء المنتخبات المحليات تحت عنوان " المساواة بين المرأة والرجل، أولوية بالنسبة لتنمية العالم".

 وقد تم تنظيم هذه الندوة من طرف اللجنة الدائمة للمساواة بين المرأة والرجل التابعة لمنظمة المدن والحكومات المحلية المتحدة "CGLU" و مدينة باريس العاصمة، وبدعم منظمة الأمم المتحدة فرع المرأة "ONU-Femme" ومجلس جماعات وجهات أوروبا "CCRE ".

تهدف هذه الندوة إلى تعزيز مشاركة المرأة في جميع مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. كما تتطلع إلى وضع خطة عمل "أجندة باريس العالمية" بمثابة خارطة طريق عملية، تحدد الخطوات القادمة لتعزيز مشاركة المرأة في صنع القرار على مستوى جميع المجالات وللتأثير على تحديد الأهداف الإنمائية للألفية لما بعد أجندة 2015 العالمية للتنمية.

وقد عرفت الندوة مشاركة أزيد 500 مشاركة ومشارك من منتخبين محليين وممثلي مصالح الدولة والمجتمع المدني وخبراء من 60 دولة عبر العالم.

المغرب كان حاضرا في ندوة باريس من خلال وفد مهم من السيدات رئيسات جماعات الحسيمة، لكفيفات، مراكش، مطال، أولاد زيان، أولاد عيسى، سبت كزولة، تيغرمت وعرباوة ونائبة رئيس جماعة العيون، بالإضافة إلى السيدة العامل مديرة تكوين الأطر الإدارية والتقنية وبعض الأطر العليا النسائية بوزارة الداخلية.

شبكةأما بالنسبة لشبكة النساء المنتخبات المحليات بإفريقيا (REFELA) فقد مثلت في هذا الحدث من قبل رئيستها السيدة فاطمتو منت عبد المالك، عمدة بلدية تفرق زينا بموريتانيا، ومنتخبات محليات بالكاميرون والغابون ومدغشقر ومالي وموزامبيق والسنغال وتشاد بالإضافة إلى المغرب.

 
وقد عقدت الشبكة يوم 30 يناير 2013 اجتماعا خصص لمناقشة مشروع أجندة باريس العالمية. وقدمت تعديلات لمضامينه واقتراحات من أهمها:

دعوة الأحزاب السياسية إلى وضع النساء في هيآت اتخاذ القرار،

*حث النساء القياديات بالأحزاب السياسية على تعبئة وتأطير نساء أخريات حتى يتجاوزن الصعوبات التي يواجهنها وإلى تعزيز القيادة النسائية داخل أحزابهن،

* دعوة البرلمانيين إلى تبني قوانين تحمي النساء من العنف والتحرش، والحكومات المركزية والجهوية والمحلية إلى وضع برامج لحماية النساء من العنف وتوفير الوسائل اللازمة لتنفيذها،

* الأخذ بعين الاعتبار وضعية المرأة في الدول التي تشهد صراعات،

*دعوة كل جهات منظمة المدن والحكومات المحلية المتحدة " CGLU" إلى تبني مواثيق للمساواة بين المرأة والرجل على منوال الميثاق الأوروبي للمساواة بين المرأة والرجل في الحياة المحلية.   

أثناء حفل الاستقبال الذي نظم على شرف الوفود المشاركة ليلة 30 يناير 2013، تم توقيع اتفاقية بين منظمة المدن والحكومات المحلية المتحدة "CGLU" ومنظمة الأمم المتحدة فرع المرأة "ONU- Femme". وتهدف هذه الاتفاقية إلى تطوير المعلومة عن مشاركة المرأة في القيادة المحلية، كما تنص على تطوير خدمات الاستشارات المتبادلة والتدريب وبرامج بناء القدرات للنساء.

يأتي عقد الندوة الدولية الأولى للنساء المنتخبات المحليات في سياق عالمي يعرف أزمة اقتصادية تأثر بشكل أكبر على النساء عبر العالم، مما يستوجب تعزيز تمثيليتهن في هيآت صنع القرار وكذا تطوير سياسات محلية ملموسة لصالح المساواة بين الجنسين في الحقوق والواجبات.

 ومن أجل رفع هذه التحديات، سطرت الندوة برنامجا لها على النحو التالي:ندوة

1 - الجلسة الافتتاحية تميزت بمداخلة السيد بيرتران دولانوي، عمدة باريس والرئيس المؤسس الشرفي لمنظمة المدن والحكومات المحلية المتحدة، والتي أشار فيها إلى أن هذه الندوة هي مناسبة لتعاضد المنتخبات المحليات لأجل الوصول إلى المساواة بين المرأة والرجل. وأضاف بأن وجود المرأة والرجل في الحياة السياسية على حد سواء أمر أساسي حتى نتمكن من سياسات هادفة لخدمة المواطن وأن مستقبل البشرية رهين بأخذ المرأة مكانتها إلى جانب الرجل.  

في كلمتها أثناء نفس الجلسة، أكدت السيدة آن إيدالكو، النائبة الأولى لعمدة باريس ورئيسة اللجنة الدائمة للمساواة بين المرأة والرجل، على أن حقوق المرأة هي حقوق إنسانية وأن المرأة تشكل نصف المجتمع وعليها أن تحظى بتمثيلية في مراكز القرار في مستوى تمثيليتها في المجتمع. وقالت بأن المرأة هي جد نشيطة خاصة في العمل الاجتماعي لكنها توجد في كثير من الأحيان في وضعية هشة.

وفي ختام كلمتها، حيت شبكة النساء المنتخبات المحليات بإفريقيا التي تعتبر أول شبكة أحدثت من هذا النوع في العالم، كما أشادت بالدور الكبير الذي يلعبه المغرب من أجل دعم هذه الشبكة.

2 - المائدة المستديرة الافتتاحية، تم خلالها تقييم مكانة المرأة في اتخاذ القرار في جميع مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، عبر تقديم نساء منتخبات محليات ومن المجتمع المدني لتجاربهن ومناقشة نجاحاتهن وإخفاقاتهن.

كما قدمت السيدة العامل مديرة تكوين الأطر الإدارية والتقنية، نجاة زروق، تجربة المغرب في دعم ومواكبة شبكة النساء المنتخبات المحليات بإفريقيا.

وتبين من خلال المناقشة أن التكوين ودعم قدرات النساء يشكل دعامة أساسية للتنمية المحلية وأن التكوين يعزز استقلالية المرأة ويمكنها من حياة أفضل. 

3 - المائدة المستديرة الأولى تحت عنوان "مشاركة النساء في أخذ القرار على المستوى المحلي"، تمت خلالها مناقشة التقدم الذي تحقق على صعيد مشاركة المرأة في هيئات صنع القرار على المستوى المحلي في أنحاء مختلفة من العالم، كما تم التطرق إلى التجربة الأوروبية المتعلقة بالميثاق الأوروبي للمساواة بين المرأة والرجل في الحياة المحلية.

خلال مداخلتها، أشارت السيدة أمينتو منت عبد المليك، رئيسة جماعة بموريتانيا ورئيسة شبكة النساء المنتخبات المحليات بإفريقيا، إلى أن هذه الشبكة كانت وراء خلق اللجنة الدائمة للمساواة بين المرأة والرجل لدى منظمة المدن والحكومات المحلية المتحدة "CGLU". وأضافت أن النساء بإفريقيا استطعن أن يطورن لديهن حس القيادة وأن المجتمع لن يتقدم ما لم تتقدم المرأة.

 وخلصت المشاركات إلى حاجة النساء إلى التشبيك وإلى أهمية التضامن بينهن من أجل تأكيد تواجدهن.

4 - المائدة المستديرة الثانية كانت حول موضوع " دور المرأة في الحصول على الخدمات الأساسية وعلى التمويلات المبتكرة"، قدمت خلالها شهادات من متدخلات من عدة دول، منتخبات وخبيرات في التمويل، حول دورهن في إبداع أشكال جديدة لتمويل المشاريع وفي تمكين المرأة من الولوج إلى الخدمات الأساسية.

 
وتمحورت مداخلة السيدة فاطنة الكحيل، رئيسة الجماعة القروية لعرباوة، حول ما يقوم به المغرب من أجل إدماج النساء في تدبير الشأن المحلي لاسيما على مستوى الدستور وقانون الانتخابات (صندوق دعم تمثيلية النساء) والميثاق الجماعي (لجنة تكافؤ الفرص والمساواة). وأضافت أن برامج تعميم الكهربة والماء والطرق كان له أثر كبير على تحسين وضعية المرأة بالمغرب خاصة بالعالم القروي.

وأشار ممثل "Plateforma "- أرضية أوروبية للحكومات المحلية والجهوية من أجل التنمية - إلى ما تتيحه هذه الأرضية من تمويل لمشاريع التنمية وذلك في إطار التعاون اللامركزي.  

5 - المائدة المستديرة الثالثة خصصت لمناقشة موضوع " مدن أكثر أمنا للنساء"، حيث يشكل العنف الحضري ضد المرأة أحد المشاكل الأكثر شيوعا على نطاق عالمي مما يتطلب اهتماما عاجلا لجعل المدن أكثر أمنا بالنسبة للمرأة. وقد قدمت تجارب من عدة دول حول ما تم إنجازه أو ما يجب اتخاذه من تدابير في هذا المجال، حيث أثير مشكل العنف ضد المرأة في الفضاء العمومي ومشكل عدم الحماية الاجتماعية.

وعرفت نفس الجلسة مداخلة للسيدة فاطمة الزهراء المنصوري، رئيسة الجماعة الحضرية لمراكش، أشارت فيها إلى أن الفقر والهشاشة من بين الأسباب التي تولد العنف خاصة بهوامش المدن. لذا يجب وضع آليات التخطيط وتهيئة المجال للتحكم في الفضاء العمومى، وتسطير سياسة اجتماعية للحد من الهشاشة، وخلق فضاءات متماسكة تتوفر على الخدمات الأساسية. وتطرقت إلى المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي يعد القضاء على الهشاشة من أهم محاورها.   

وخلصت المشاركات إلى ضرورة التعليم والتكوين بالنسبة للمرأة والرجل على حد سواء والتشبيك بالنسبة للمرأة، وإلى التحسيس وسن سياسات محلية فعالة لمحاربة عدم الأمن الجسدي والاقتصادي للمرأة. 

وخلال الجلسة الختامية للندوة، استمع المشاركون إلى رسالة السيد قادير توباس، عمدة مدينة اسطنبول ورئيس منظمة المدن والحكومات المحلية المتحدة "CGLU" والتي أكد فيها على أن التنمية المستدامة يجب أن تأخذ بعين الاعتبار "بعد المرأة".

وفي الأخير، تم اعتماد وثيقة "أجندة باريس العالمية للحكومات المحلية والجهوية من أجل المساواة بين المرأة والرجل في الحياة المحلية".

يشار إلى أن جميع اقتراحات شبكة النساء المنتخبات المحليات بإفريقيا تم اعتمادها بأجندة باريس العالمية.     

على هامش اشغال الندوة، أجرت البوابة الوطنية للجماعات الترابية حوارا مع السيدة آن إيدالكو، النائبة الأولى لعمدة باريس ورئيسة اللجنة الدائمة للمساواة بين المرأة والرجل. أنقر هنا لتحميل الحوار.

07/02/2013