هناك حتمية لدعم الدولة لمجهودات الجماعات الترابية في مجال النقل الحضري، وسنة 2014 ستكون سنة مفصلية في اعتماد سياسة تمكن من تمويل دائم للقطاع

​أكد السيد وزير الداخلية، امحند العنصر، على أهمية قطاع النقل الحضري نظرا لارتباطه الوطيد بالحياة اليومية للمواطن وبتنمية وإشعاع المدن، لهذا يجب تسخير جميع الإمكانات المتاحة حتى نمكن القطاع من المساهمة في تحسين جاذبية وتنافسية حواضرنا.

لعنصرجاء هذا في مداخلة السيد الوزير بمناسبة ترأسه للجلسة الافتتاحية للأيام الوطنية للنقل الحضري تحت عنوان "أي خارطة طريق لنقل حضري مستدام"، التي احتضنها مركز الندوات بوزارة الداخلية بالرباط يومي 23 و24 شتنبر 2013، بحضور وزير الأسكان والتعمير وسياسة المدينة، السيد نبيل بنعبد الله، ورئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي السيد نزار البركة، والوزير المنتدب في الداخلية، السيد الشرقي الضريسن، والوالي الكاتب العام لوزارة الداخلية، السيد نور الدين بوطيب، والوالي المدير العام للجماعات المحلية، السيد علال السكروحي.

وأضاف السيد الوزير أن الجماعات الترابية تواجهها تحديات في مجال النقل الحضري تتلخص في كون الموارد المالية لا تناسب حجم الاستثمارات اللازمة، وتزايد الطلب على النقل الحضري وضرورة تدارك النقص المتراكم في المجال. لذلك أضحى مسلما به حتمية دعم الدولة لمجهودات الجماعات الترابية وتقوية قدراتها في مجال التخطيط و تدبير القطاع بغاية تحسين جودة الخدمة للمواطن.

كما أشار إلى أن مواكبة الجماعات الترابية في إطار شراكة لإنجاز مشاريع طرامواي مهيكلة بالتجمعات الحضرية للرباط - سلا  والدار البيضاء الكبرى بدأ يعطي ثماره، إلا أن وقع هاتين المبادرتين يبقى محدودا مقارنة مع الاعتمادات المرصودة، لذلك لابد من مقاربة شمولية واستباقية تمكن من التحكم في الجوانب المرتبطة بالنقل الحضري من حكامة وتمويل دائم.

وأكد السيد الوزير أن سنة 2014 ستكون سنة مفصلية من خلال اعتماد سياسة ستمكن قطاع النقل الحضري من تمويل دائم، وأن وزارة الداخلية لن تدخر جهدا حتى تلعب الدولة دورها في دعم الجماعات الترابية وحتى نجد نموذجا مغربيا -مغربيا للنهوض بالنقل الحضري وتحسين الخدمات للمواطنين.

دليكو

وفي مداخلته بهذه المناسبة، هنأ السيد جويل داليكو، مدير الوكالة الفرنسية للتنمية بالمغرب الوزارة على تنظيمها هذه الأيام الوطنية كما قدم عرضا حول محاور دعم الوكالة لقطاع النقل الحضري بالمغرب وذلك من خلال مواكبة الإطار المؤسساتي لشركات التنمية المحلية والدعم التقني لترامواي الدار البيضاء والرباط. وأشار السيد المدير أيضا إلى أن الوكالة ستواصل دعمها لنفس القطاع عبر المصاحبة التقنية وتمويل الخبرات.

هونعغ
السيد كسافيي هونغ، ممثل مركز مرسيليا للإندماج بالمتوسط، عرف ببرنامج
CMI الذي  تموله الوكالة الفرنسية للتنمية، والذي يعتبر أرضية للنقاش والتحاور حول سياسات النقل الحضري بمجموعة من الدول الأعضاء بالبرنامج (المغرب، تونس، مصر، لبنان والأردن) بتعاون وشراكة مع البنك الدولي ومدينة مرسيليا وجمعية CODATU التي تضم خبراء دوليين في ميدان النقل الحضري.

وتوالت أشغال الأيام الوطنية من خلال جلستي اليوم الأول، خصصت الأولى لرهانات التنقلات الحضرية بالمغرب والثانية لحكامة النقل الحضري بالتجمعات الحضرية المغربية.

- الجلسة الأولى ترأسها السيد الوالي المدير العام للجماعات المحلية، علال السكروحي، الذي قدم مداخلة تمحورت حول سياق ورهانات وآفاق التنقلات الحضرية بالمغرب، حيث أفاد أن تنظيم ثاني ندوة وطنية حول النقل الحضري خلال سنة واحدة هو إشارة على أهمية القطاع بالنسبة للوزارة. وقال السيد الوالي أن المغرب اليوم لايوجد في قلب إشكالية النقل الحضري بل في مقدمتها، كما أعطى تشخيصا دقيقا لحالة النقل الحضري العمومي الذي يرتبط بشكل وطيد بميدان التعمير، حيث أن التجمعات الحضرية تتوسع بهوامش المدن مما يخلق طلبا كبيرا على النقل الحضري، لذلك ألح على ضرورة إدماج إشكالية التنقلات الحضرية في المخطط المديري للتنمية الحضرية.

الوالي
وأشار السيد الوالي إلى أن غالبية المدن لاتتوفر على مخطط للسير لتحسين سيولة التنقل داخلها، بالإضافة إلى أن النموذج الاقتصادي لقطاع النقل الحضري يتميز بعجز مالي نظرا لطبيعة المرفق ولمنافسة الأنماط الأخرى للنقل، ناهيك عن نقص الموارد البشرية المؤهلة لتنظيم وتدبير النقل الحضري.
من هنا وباعتبار النقل الحضري أداة للتماسك الإجتماعي وعاملا مهما لتنافسية المدن، ولكونه يهم بشكل مباشر المواطن، يضيف السيد الوالي، فإنه يجب علينا التسريع من الإصلاحات التي بوشرت لتنمية العرض على مستوى الكم والجودة من خلال توفير الدولة لتمويل دائم للنقل الحضري والأخذ بعين الاعتبار علاقة التنقلات الحضرية بميدان التعمير وتحسين حكامة القطاع، حيث أصبح من الضروري على الجماعات الترابية التكتل في مجموعات تجمعات حضرية لتنظيم النقل الحضري، ومأسسة اللجنة الوطنية للتنقلات الحضرية، ومصالحة المواطن مع الفضاء العمومي.  

ساجد
 

وبعد مداخلة السيد الوالي المدير العام، قدمت شهادات من مدينتي الدار البيضاء والرباط، حيث تطرق السيد محمد ساجد، عمدة مدينة الدار البيضاء إلى تجربة المدينة في ميدان النقل الحضري، وأكد أن هذا القطاع كان ولايزال من أولويات مجلس المدينة منذ سنة 2002، الذي عمل على إنجاز مخطط التنقلات الحضرية سنة 2004 وهو الآن بصدد ترجمته على أرض الواقع بدء من ترامواي الدار البيضاء الذي رأى النور شهر دجنبر من السنة الماضية، والذي حقق هدفين أساسين وهما استجابته لحاجيات التنقل وكذا إعادة هيكلة الفضاء العمراني للمدينة.

لعلوأما السيد فتح اللع والعلو، عمدة مدينة الرباط، فقد أشاد بالوعي الكبير للسلطات العمومية بأهمية القطاع، وقال بأن على الدولة أن تتوفر على سياسة من أجل تنمية النقل الحضري بالمدن الكبرى وتوفير تمويل كاف ودائم له نظرا لدوره الكبير في تحسين عيش المواطن وتأثيره على جاذبية المدن وتنافسيتها، بالإضافة إلى أنه سيخفف عبئ صندوق المقاصة إذا ماتزايد عدد مستعملي النقل العمومي مقارنة مع مستعملي السيارات. وعرض السيد والعلو تجربة الرباط في تدبير النقل الحضري منذ الوكالة المستقلة إلى تشكيل مجموعة التجمعات الحضرية "العاصمة". وقال بأن إنجاز ترامواي الرباط كان قرارا مركزيا لكنه شهد مشاركة ودعما وانخراطا على المستوى المحلي لإنجاح أول تجربة من هذا النوع بالمغرب.   

 نورالدين

- الجلسة الثانية التي ترأسها السيد الوالي الكاتب العام لوزارة الداخلية، نور الدين بوطيب، خصصت لحكامة النقل الحضري بالتجمعات الحضرية المغربية. وقد تناول فيها السيد الوالي النموذج المؤسساتي الهدف للتجمع الحضري للرباط، بعد تطرقه للنواقص التي شابت تدبير النقل العمومي بالتجمع. ويهدف هذا النموذج إلى فصل المخاطر الصناعية على المخاطر الاقتصادية، وذلك بتبني الهيكلة التالية:

   * سلطات عمومية توفر الموارد المالية والتقنية،

   * شركة التنمية المحلية تتكلف بالاستثمار في النقل الحضري وبتعويض شركات النقل من خلال قدر

      جزافي متعاقد عليه.

   * شركات النقل تقدم الخدمة للمواطنين.

                  
بعد ذلك، قدم السيد يوسف الضريس، المدير العام لشركة كازا ترانسبور، تجربة هذه الشركة في تدبير النقل الحضري بمدينة الدار البيضاء، تلاه عرض لخبراء دوليين في ميدان النقل الحضري من مركز CERTU وجمعية CODATU حول تجارب دولية تتعلق بحكامة القطاع، ثم نقاش بين الحاضرين.

اليوم الثاني من الأيام الوطنية حول النقل الحضري تميز بعقد جلستين:

- الجلسة الأولى خصصت لموضوع التمويل الدائم للنقل الحضري، عرضت فيها السيدة لبنى بوطالب، المديرة العامة لشركة ترامواي الرباط سلا، تجربة التوازنات المالية للنقل بواسطة الترامواي بالتجمع الحضري للرباط، وقدم خلالها بدوره السيد حسن نهى، المدير العام لشركة ستاريو، التوازنات المالية للنقل بواسطة الحافلات بنفس التجمع الحضري.

بعد ذلك، تناول السيد الوالي الكاتب العام بوزارة الداخلية موضوع احتياجات الاستثمار في ميدان النقل الحضري على المستوى الوطني، حيث بين أن هذه الإحتياجات تصل إلى 26,5 مليار درهم بالمدن الكبرى. لهذا تظهر جليا الحاجة إلى مواكبة الدولة للنقل الحضري بصفة عامة وتمويل التجهيزات بصفة خاصة.

وفي عرض حول الموضوع، قدم ممثل وزارة الاقتصاد والمالية جميع أشكال تمويل النقل الحضري استنادا للتجارب الدولية، وعرج على التزامات الدولة في تمويل مشروعي ترامواي الرباط والدار البيضاء، قبل أن يذكر بصندوق الدعم لإصلاح النقل "FART" الذي تم إنشاءه منذ سنة 2007 والذي يمكن تخصيصه لتمويل مشاريع النقل الحضري العمومي استنادا على معايير للاستفادة يتم تحديدها بين قطاعي الداخلية والمالية. وتلا هذا العرض تقديم نموذج تمويل مشاريع النقل العمومي بفرنسا من طرف الخبراء الدوليين تم نقاش بين المشاركين.

-الجلسة الأخيرة تعلقت بكيفية اندماج النقل الحضري والتعمير، بين خلالها السيد السعيد زنيبر، الكاتب العام لوزارة الإسكان والتعمير وسياسة المدينة، أن التنقلات الحضرية هي في صلب سياسة المدينة التي تهدف إلى تقوية دور المدن باعتبارها أقطابا للتنمية وخلق الثروة وفرص الشغل، وأن الوزارة تعمل على التقائية التخطيط الترابي بميدان النقل، من خلال مقاربة جديدة مندمجة تربط التنمية الحضرية بمختلف أنماط النقل الحضري.

بعد ذلك، قدم ممثل الوكالة الحضرية للرباط سلا شهادة تتعلق بتبني هذا الطرح من خلال تناول موضوع إعادة هيكلة التجمع الحضري للرباط حول المحاور الرئيسية للتنقل الحضري داخله، ثم استمع الحاضرون لتجارب دولية حول آليات اندماج التعمير والتنقل الحضري من بينها ما يسمى ب عقد المحور Contrat d’axe.

وفي ختام الملتقى، تم تسطير خارطة طريق لتنمية قطاع التنقلات الحضرية ببلادنا وتحديد الأوراش التي تجب مباشرتها على المدى القريب والمتوسط من بينها:

        - تضمن قانون المالية لسنة 2014 آلية لتمويل دائم للنقل العمومي،

        - تبني نموذج للحكامة مرتبط بخلق مجموعة التجمعات الحضرية وشركات للتنمية المحلية،

        - اتخاذ إجراءات للتواصل وتحسيس الجماعات الترابية وكافة المتدخلين حول النموذج الهدف،

        - تأمين تجربتي الرباط والدار البيضاء والعمل على إنجاحهما،

        - ضرورة اندماج التنقلات الحضرية والتعمير،

        - تقوية قدرات المنتخبين والموظفين المحليين في ميدان تدبير وتنظيم التنقلات الحضرية.

والي الدارالبيضاءحضر هذه الأيام الوطنية السيد رئيس مجلس جهة الدار البيضاء الكبرى والسادة عمداء بعض المدن والسيد والي جهة الدار البيضاء الكبرى وبعض السادة الولاة بالإدارة المركزية لوزارة الداخلية، والسيدين  الكاتبين العامين لوزارتي الاقتصاد والمالية والإسكان والتعمير وسياسة المدينة، وبعض السادة البرلمانيين عن لجنتي المالية والداخلية بمجلسي النواب والمستشارين وممثلين عن وزارة التجهيز والنقل وصندوق الحسن الثاني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية بالإضافة إلى بعض أطر وزارة الداخلية. 

وقد شارك في تنظيمها الوكالة الفرنسية للتنمية، ومركز مرسيليا للإندماج بالمتوسط، وجمعية CODATU، ومركز CERTU، ومكتب الدراسات TRANSITEC.

25/09/2013